النقد في الحياة الزوجية..هل هو ضروري؟

إن للنقد أهمية في الحياة الزوجية القائمة على الحوار والتفاهم والتناصح، بشرط أن يكون النقد الإيجابي البناء وليس النقد السلبي الهدام، فالنقد مشروع ما دام في إطاره الجميل الذي يحقق هدفه لإصلاح العيوب والنقائص.
لكل هذا قمنا باستطلاع اراء ومواقف بعض الشرائح الاجتماعية المختلفة من الجنسين ووجهنا لهم السؤال التالي:
متى يكون النقد بين الزوجين، نقدا بناء ودافعا إلى الإصلاح؟ وما هي شروطه وظروفه المناسبة؟
- النقد في ثوب النصيحة
صالح المهدي- 56 عاما- عالم دين
إنّ الإسلام إهتم إهتماماً لا مزيد عليه بشأن الأسرة، وجعلها قائمة على أساس من المودة والرحمة، ونرى القرآن الكريم يثير في نفوس الأزواج من الجنسين، الشعور بأن كلا منهما ضروري للآخر ومتمم له لتحقيق وجوده، فيقول للرجل: انّ المرأة جزء منك ولا غنى لك عن جزئك، ويقول للمرأة مثلما يقول للرجل، وهما يعيشان حياتهما الزوجية في وئام وإتحاد ووحدة شعور وعواطف، ووحدة تفاهم واسرار متبادلة.
في هذا الإطار من العلاقة القوية، يأتي النقد بين الزوجين في صورة طيبة من الوعظ والتناصح والحرص المتبادل على الإصلاح.
قال الرسول (ص): "فالبدء بالإسلام والمعاملة بالحسنى والخير، مقرون بالنهي عن التقبيح والتوبيخ والمعاملة السيئة من أحد الطرفين للآخر".
ويسبب النقد اللاذع فتوراً في العواطف والعلاقة الزوجية قد يتبعه نفور، ثم تباعد قد يصل إلى الطلاق، أو يضطر كلاً من الزوجين إلى أن يعايش الآخر على مضض، فيكون بينهما زواج بلا روح، وهذا ما نهى عنه الإسلام: "فإمساك بمعروف أو تسريح باحسان".
ولذلك لابد أن يكون النقد بين الزوجين في ثوب النصيحة، وبطريقة لطيفة مهذبة، وفي الوقت المناسب، وبعيداً عن مسمع الغير، وبغير إنفعال، والا كان اذى نهى عنه الإسلام وأمر الزوجين باجتنابه لأنه يتعارض مع العهد الذي قام عليه الزواج وهو المودة والرحمة.
- مساوىء النقد اللاذج
ثريا- 36 عاما- مدرسة
إن من حق الزوجة في الإسلام، حسن العشرة، فعلى الرجال أن يحسنوا عشرة النساء، ويلينوا معهن ويرفقوا بهن ويحتملوا الاذى منهن، فيكون الزوج متلطفاً في القول لافظاً ولاغليظاً.
فمن أراد أن تكون امرأته على شاكلته، ويشترط ذلك لتستمر الحياة الزوجية، فهو مخطىء غاية الخطأ.
ولذلك فالرجل دائم النقد لزوجته، وإذا أراد أن يجعلها بالتوبيخ والتقريع كما يريد، لن يصلحها، فمن حسن العشرة أن يكون طلق الوجه مع زوجته، يحسن اختيار الكلمة الحلوة ويشكرها على ما تؤديه من خدمة له ولاولادها، دائم المدح والتكريم، فذلك يصلح الحياة ويزيد من المودة والحب، ويقوي العلاقة الزوجية ولا يهدمها.
ومن الطبيعي أن يكون هذا النصح، موجهاً أيضاً للزوجات، دائمات النقد لازواجهن.
- المواجهة الهادئة
إبراهيم فرج- 42 عاما- مهندس
إنّ الموقف الوسط بين الوقوف عند كل صغيرة وكبيرة وتجاهل الأخطاء، هو الموقف الصحيح في العلاقة بين الزوجين، فتجاهل أخطاء الزوجة يجعلها تعتاد الخطأ ولا تصلح نفسها، ومحاسبتها على الهفوات، يشعرها بعدم الأمان ولا يساعدها على تقبل ملاحظات شريكها بصدر رحب.
أما الزوجات فقد يشتكين من حساسية أزواجهن تجاه النقد من ناحية، ونقدهم المستمر لهن من ناحية أخرى، لكن تعاهد الزوجين منذ البداية على المصارحة والمواجهة اللطيفة الهادئة، يحل كثيراً من المشاكل ويحسم المواقف الصعبة الفاصلة.
- النقد المحدود
زهراء خيرالله- 27 عاما- طالبة علوم دينية
إن من الحاجات الأساسية لكل فرد، الإحساس بالتقدير.. تقدير الآخرين له وتقديره لذاته، ويحتاج الزوجان بالتالي إلى الإحساس بتقدير كل منهما للآخر، فلابد في الحياة الزوجية ألا يكون المدح غائباً والنقد غالباً، فإذا اعتاد طرف أن يجرح الطرف الآخر بالنقد السلبي المستمر، فلابد للطرف الذي يتعرض للنقد أن يدافع عن نفسه وبطريقة لاذعة حتى يرد الاعتبار لذاته، أما إذا لم يستطع أن يرد فسيتمادى الناقد ويصبح الطرف الموجه له النقد حزينا بصفة دائمة إلى أن يصاب بالكآبة، أو على الأقل يؤدي النقد إلى هبوط عزيمته وضمور نشاطاته، وبالتالي يفقد قدرته على العطاء ويصبح عرضة للمرض النفسي، وقد تهدم على أثر ذلك الحياة الزوجية.
- الحوار الودود
عبدالهادي الحسني- 37 عاما
بكلوريوس اجتماع
أوجه نصيحتي لكلا الزوجين: أحذرهما من النقد الجارح، فليكن تعبير الوجه هادئاً ولتكن النظرات حانية ولتكن نبرات الصوت ودودة ولتكن الكلمات طيبة.
الزواج مودة ورحمة، لا عنف ولا عداء ولا تحدي ولا ظلم ولا قهر ولا تجريح ولا لوم ولا تأنيب.
وأي حوار داخل نطاق الزواج لابد أن يكون ودوداً ويعكس روحاً طيبة سمحة سهلة، حتى في أشد الأوقات عصبية وثورة.. إذن الحوار يجب أن يكون بلطف وباستخدام أرق الألفاظ حتى وأن اراد الزوجين أن يعبر أصعب المعاني، فهو ليس عدوا ولا منافساً، ورفيق الحياة ليس طرفاً غريباً.
- النقد الموضوعي
منيرة جمال الدين- 24 عاما- طالبة جامعية
إنّ النقد إذا كان موضوعياً وله هدف نبيل ويتم بطريقة ملائمة، وفي وقت مناسب، ويدعمه مدح، لكان نقداً إيجابياً، ويقوي الحياة الزوجية ويدعم المودة والرحمة بين الزوجين، فالحياة الزوجية لابد أن تكون مبنية على أساس متين من الثقة المتبادلة بحيث يشعر كل طرف أنه مراة الآخر، مراة صادقة يرى فيها نفسه.
أما إذا كان النقد يهدف إثبات أن الزوج على صواب دائماً والزوجة على خطأ، أي انه بهدف غير نبيل، أو ينتقد أحد الطرفين الآخر بصورة مبالغ فيها مع تضخيم الخطأ، فهذا نقد غير إيجابي يضر أكثر مما ينفع، بل قد يسبب التباعد والنفور بين الزوجين، مما يؤثر في الحياة الزوجية وتماسكها وإستمرارها.
- مراعاة الجانب النفسي
سعيد الجوهري- 32 عاما- خريج اداب
لابد من اختيار الوقت المناسب لتوجيه النقد، ومن المرفوض ان يوجه أحد الزوجين للآخر النقد واللوم في أوقات التوترات، لإن ذلك قد يؤدي إلى نتيجة عكسية، إنما يتم اختيار وقت فيه إسترخاء واستعداد نفسي لتقبل النقد بصدر رحب.
ولابد لكل طرف، إلى جانب مراعاة حالة الطرف الآخر النفسية- وقت النقد- أن يراعي النوعية الشخصية موضع النقد، فهناك شخصيات حساسة للغاية لأي تلميح- ولو بسيط- ويكفيها الإشارة، وهناك شخصيات أخرى تتسم بالعناد والتكبر، وهذه النوعية يزيدها كثرة النقد، عنادا وتكبراً، ولا يصلح معها النقد المباشر.

جميل جداااااااااااااااااااااااااااا حوار تسلم