بالرغم من أن أعداد الرجال أكثر من أعداد النساء بمراحل إلا أنهم مازالوا يحملون لقب " عانس " رافضين الزواج ، هذا ما أكده تقرير حكومي صادر عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري حول خصائص واهتمامات الشباب المصري ، موضحاً أن 51% من الفتيات في سن الزواج من 16 إلى 29 سنة ، لم يتزوجن بعد ، بينما تصل النسبة بين الشباب إلى 77% ، أي أن أعداد الذكور أكثر من الإناث ، بحيث يوجد 103 شباب لكل 100 فتاة .
فأين موقع هؤلاء الشباب من الإعراب وما هي أسباب عزوفهم عن الزواج ولماذا يرفضون هذه الحياة ويرضون بحياة العزوبية ، أسئلة نبحث لها عن إجابة مقنعة :
البطالة تفترس 21 % من الشباب
لا شك أن البطالة احد أهم الأسباب التي تؤثر علي نسبة الزواج ، وقد أشار التقرير إلى وجود فوارق واضحة بين الجنسين بالنسبة للمشاركة في قوة العمل «حيث إن نسبة الشباب الذكور في قوة العمل بلغت 60.3%» بينما انخفضت هذه النسبة إلى 21.4% بين الإناث، موضحاً أنه من بين حوالي 9.3 مليون شاب في قوة العمل يوجد حوالي 1.96 مليون شاب «عاطل» .
وأضاف التقرير ، حسب ما ورد بجريدة " المصري اليوم " أن معدل البطالة وصل إلى 21.1% من إجمالي قوة الشباب ، فمن بين كل 100 شاب يوجد 21 شاباً يبحث عن فرصة عمل ولا يجد، ورغم ذلك فإن نسبة الشباب الذين يتمتعون بدرجة عالية من الشعور بالانتماء للوطن – حسب التقرير - تصل إلى 59%.
الظروف الاقتصادية سبب العنوسة
ومن الأسباب المؤدية إلي عنوسة الرجال وهروبهم من الزواج الظروف الاقتصادية أيضاً و يذكر الدكتور عماد مخيمر - أستاذ علم الاجتماع - أنها تمثل مشكلة عامة تواجه العديد من الشباب في معظم الدول العربية ، فهي من أكثر المشكلات التي تقيد الرجل وتجعله يتراجع عن فكرة الزواج والارتباط .
ويؤكد الدكتور سمير عبد النعيم - أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس- أنه لا يجب أن نغفل الظروف الاقتصادية وتأثيرها الكبير على عزوف الشباب وهروبهم من الزواج فهي من الأسباب المهمة التي تؤدي إلى تأخر سن الزواج من بطالة وعدم تناسب الأجور مع الأسعار وبالتالي يقبل الشباب غير القادر علي الزواج بطريقة غير مقبولة اجتماعياً كأن يتزوج عرفياً لإشباع احتياجاته الطبيعية وفي نفس الوقت تجرده من أي مسؤولية .
الانحراف والدوافع الجنسية
ولا تقتصر أسباب عزوف الشباب عن الزواج على الأسباب السابقة فقط ، بل فهناك ما هو جانب مهم وهو غياب الوازع الديني عند الشباب ووقوعهم فيما حرم الله تعالى من الفواحش إشباعاً للغريزة الفطرية الموجودة لديهم ، التي لم تشبع إلا من هذا الطريق الذي يعجزهم عن السير في الطريق الصحيح الشرعي .
ويذكر خبراء في علم النفس أن تفشي هذه الظاهرة خطر يهدد مجتمعاتنا الإسلامية ، وينذر بظهور العديد من المشكلات والأمراض الاجتماعية والنفسية والأمنية الخطيرة ، حيث قامت وسائل الإعلام من قنوات فضائية ، وشبكة إنترنت، وقصص داعرة، وأشعار ماجنة، بإثارة وتأجيج هذه الانحرافات وكأنه أمر طبيعي ويجب حدوثه ، مما جعل العفة أمراً صعباً على كثير من الشباب ، وهذا نذير بفوضى جنسية تهدد المجتمع كله.
نساء الفضائيات هلكن الرجال
ويأتي انفتاح الرجال على العالم الخارجي أكثر من اللازم أمراً كأحد الأمور الخطيرة ، حيث أصبح الرجل " لا تملي عينه أي بنت ولا تكفيه امرأة واحدة " وقد يلجأ بعضهم للبحث عن امرأة قد لا يراها إلا بالتلفزيون وذلك بسبب جمالها الصناعي الفاقع البعيد تماماً عن الواقع .
وحول هذا الموضوع يذكر الشيخ إبراهيم سليمان الفهيد - إمام وخطيب جامع ابن خلدون بالدمام - أن سبب هروب الرجال عن الزواج يرجع إلى الفضائيات التي جعلت الشباب يطلبون الكمال الزائف لدى الفتيات ، ويتصورون أنهم يريدون امرأة بمواصفات المرأة التي يشاهدونها في التليفزيون وإما لا .
ويوضح الفهيد أن المشكلة ترجع إلى " بعض الآباء في تفاقم عدم تحمل المسؤولية لدى الأبناء فهاجس الشباب في تأجيل الزواج هو المسؤولية لذلك يحسن بنا في مجال التربية أن نذكر أن تحمل المسؤولية أنما هو سلوك يرتبط بالابن منذ صغره فعلاجها بالتربية السليمة المرتبطة بالوازع الديني السليم والصحيح الذي يحثهم على حسن اختيار شريكة الحياة .
خوفاً من المسؤولية
ومن ناحية أخري يري د. حسن الموسوي أن أسباب تأخر أو عزوف الرجال عن الزواج تتلخص في الفكرة السلبية عن الزواج عند الرجل ، وعدم الاستعداد لتحمل المسؤولية ، والانشغال في أمور أخرى وأهمها الأمور المتعلقة بالمستقبل ، والاعتماد على الأم، والخوف من خوض تجربة فاشلة.
ويردف قائلاً يفقد الرجل من الناحية النفسية الكثير في حال عدم وجود امرأة في حياته مثل الشعور بالنقص والشعور بفقدان السلطة والعزلة والاكتئاب، والنظرة الدونية من بعض أفراد الآخرين، والتشكيك في رجولته.
ومن وجهة نظر الدكتور فهد الناصر المتخصص في علم الاجتماع يري أن المجتمع يحوي عنوسة رجال والسبب أن الرجل هو الذي بيده زمام الأمور وهو الذي يختار الوقت ليتزوج وخياراته أفضل من المرأة فهو الذي يختار من سيتزوج ومتى سيتزوج ومتى هذه هي من تحدد السن الذي سيختاره للزواج ، ما يسبب تأخر سن الزواج وليس العنوسة.
وعن السلبيات والنواقص التي يعيشها الرجل في حال تأخر سن زواجه يقول د.الناصر أهم نقص يواجه حياة الرجل هو غياب فوائد الزواج مثل الاستقرار النفسي والعاطفي ، العلاقات الجنسية ، وهناك فوائد أخري مثل :
- عدم التمتع بالصحة الكاملة حيث وجد الباحثون في الجامعات البريطانية أن الرجال والنساء المتزوجين يتمتعون بصحة أفضل من نظرائهم الذين لم يتزوجوا ويعتقدون أن السبب في ذلك يرجع جزئياً إلى الدعم العاطفي والاجتماعي لوجود زوج أو زوجة .
- ضعف النسل ، فإن الشاب إذا تزوج متأخراً لا تكون لديه القدرة الكافية للإنجاب مثل الذي يتزوج مبكراً.
-عدم القدرة على تربية أولاده التربية التي ينشدها ، ويطمح إليها ، لأن الرجل إذا كبر صار أكثر
انشغالاً في صحته ورزقه، فهناك الكثير من المشكلات التي تستحوذ على ذهنه، بحيث ينشغل عن تربية أولاده التربية الصالحة.