البداية
خيم الظلام على جميع انحاء المعمورة كانت عقارب الساعة فى يد وليد تشير الى الثالثة بعد منتصف الليل ...
نظر اليها طويلا ثم رفع بصره الى السماء ،وزفر زفرة حارة شديدة ليفرغ مافى صدره من هم شديد قد ألم به ...ثم عاد لينظر اليها من جديد،وتعلقت عيناه بعقرب الثوانى وهو يمر سريعا يلتهم الوقت التهاما ،وعاد بذاكرته الى الخلف ...
تحديدا منذ ستة أشهر قد مضت ...تذكر منظر أمه وهى تودعه بدموعها الحارة ،وعدم توديع والده اياه لرفضه التام لفكرة سفره الى القاهرة والعمل هناك وتركه رغم كبر سنه،والسبب انه متعلم لايريد ان يعمل صيادامع ابيه ...
كل ذلك لم يثنيه عن قرار السفر ،واستعاد مشهد اول يوم له فى عمله بتلك الجريدة الكبرى....
كان كل يوم يزداد تألقا فى عمله ... حتى حقد عليه مديره خشية من ان يرتقى منصبا فوقه ،وبدأ يكيد له المكائد ،وللأسف استطاع ان يطيح به ...
سالت دموعه على خديه عندما و صل الى هذه النقطة ...
فكم شعر بقهر شديد ...لكن أحدا لم يقف الى جواره وها هو أصبح بلا عمل ...
لم يستطع تسديد إيجار الشقة ...
فطرده صاحب العقار ،واصبح بلا عمل ،وبلا مأوى،وبلا نقود،وانتهى به الحال الى ذلك الزقاق المظلم بعيدا عن أعين دوريات الشرطة لكى يستكمل رحلته فى الصباح للبحث عن عمل ...
فجأة قطع سيل ذكرياته صوت ضربة أختلط معها مواء قط كأنه يستغيث ...
ألتفت فوجد اربعة من الأشقياء يركلون قطا صغيرا أسود كأنه كرة بين أقدامهم...
و انحنى أحدهم وأمسك بذيل القط المسكين ,لم يحتمل ذلك المنظر اندفع نحوهم صارخا ماذا فعل لكم ايها الأشقياء لكى تعذبوه هكذا ...
اندفع ثلاثة منهم نحوى بينما الرابع يديره فى الهواء,ودفعه نحو الجدار بعنف ...
اصطدم رأسه الجدار وسقط المسكين على الأرض دون حراك ...
صرخت لااااااااااااااااااا...
واندفعت قبضتى فى فك أحدهم فأطاحت به من أمامى وركلت الثانى ركلة عنيفة اسقطته أرضا ثم أمسكت الثالث من رأسه وصحت به لماذا ؟؟؟؟
لماذا ايها الأوغاد؟
واندفعت ركبتى نحو انفه فأصبحت كومه من اللحم المفرى,وهممت بالألتفات الى الرابع لكنى لم أكمل التفاتتى ...
حيث انه استغل انشغالى بعراكى مع رفاقة, وأخرج خنجرا من جيبه وطعننى طعنة غادرة ...
ثم نظر الى بتشفى , وهو يقول هذا قط أسود لعين ونحن نقتلهم جميعا ...
وما اراك الا شخصا ملعونا انت أيضا وقهقه بصوت عال... ثم أردف قائلا سأتركك هنا لتموت بجواره ,ورمق القط المسكين بنظرة شيطانية وأستطرد قائلا بجوار قطك المدلل,وأنفجر ضاحكا ...
ثم ابتعد هو وزملائه...
تاركين خلفهم قط ميت وشخص ينزف حتى الموت ...
كان جرحى ينزف بشدة ,وبدأ الظلام يزحف الى عقلى رويدا رويدا,وقبل ان اغيب عن الوعى تماما رأيت شيئا غريبا للغاية ...
بل أغرب من يصدقه عقل...
ابدا...
ابدا على الأطلاق...
التحول الرهيب
ظلام...
ظلام حالك...
هناك شئ ما ...
نعم أشعر به ...
لكنى لا اراه ...
صرخت بأعلى صوتى دون ان أسمع اى صوت ...
يا الهى ...
لقد مت بالتأكيد ...
وهذا قبرى المظلم ...
حاولت ان أمسك بأى شئ ...
لكن لاشئ ...
وكأنه الفراغ ...
أشعر بنفسى معلق فى وسطه بلا أحمال ...ولا أثقال ...و كأننى روح تهيم بلا جسد...
لكن ما هذا الشئ الذى يحوم حولى ..
أشعر به يقف أمامى مباشرة , وفجأة التمعت عيناه فى الظلام ..
بدأت اراه انه ذلك القط الأسود المسكين ...
كان هناك جرح فى منتصف جبهته يسيل منه عدة خيوط رفيعة من الدماء ...
أقترب منى ظل يقترب,ويقترب حتى أخترقنى ...
أشعر به داخلى ...
أسمع صوته يخاطبنى ...
كان يشكرنى ...نعم ...
قلت: تشكرنى على ماذا ؟
قال:أشكرك على تضحيتك بحياتك من أجلى ...
بكيت بلا دموع,وقلت :أى حياة وقد عذبوك ...
وقتلوك ...
ولم يرحموك ...
ولم أستطع منعهم ...
قال:متابعا كلامى بل تستطيع ...
قلت : أستطيع !!!!
كيف ذلك وأنا ميت ؟
أجابنى فى هدوء أنت حى ...
قلت :حى!!!
قال:نعم أنت حى لقد بذلت آخر نفس لى وتحاملت على نفسى من أجل ان انقذك قبل ان أموت ...
وما أنت الأن الا فى عالم وسيط لكى أبلغك رسالتى ...
من أجل ان تساعدنى ...
قلت :أساعدك !!!!
كيف؟؟؟؟
أردف مجيبا على سؤالى بأن تنتقم لى ,ولكل من قتله اولئك الأشقياء الأربعة دون أى رحمة ...
أو شفقة ...
ولك الخيار فى ان ترفض ...
لكن أعلم بأنك إذا وافقت فلن تستطيع التراجع أبدا مهما حاولت ...
أما إذا رفضت فسيموت غيرى الكثير ,وقد يموت أشخاصا يحاولون التدخل مثلما فعلت انت ...
فماذا تختار ؟؟؟؟
أسترجعت أخر لحظة لى قبل ان أفقد وعيى...
عندما رأيته ولم أصدق ما رأيته كان واقفا على قدميه وجرح جبهته يسيل دما...
حتى انه أغلق عينيه من شدة الألم, ومع ذلك أتجه نحوى بخطوات بطيئة متثاقلة ...
وفتح فمه وعض جرحى بقوة ...
لم أفهم تصرفه هذا فى وقتها ...
أما الأن فقد علمت انه بذل أخر نفس له فى أنقاذى ...
ويجب على ان ارد له الدين مهما كانت التبعات,ومهما كان الثمن ...
عند هذه النقطة قلت فى عزم أكيد سأنتقم لك منهم جميعا ...
قال:أشكرك يا صديقى ...
لكن سامحنى فالألم سيكون شديدا عليك...
لم أفهم ما يعنيه , وفجأة شعرت وكأن تيارا كهربائيا عاليا صعقنى ...
أردت ان أصرخ ...
ألم رهيب عصف بكيانى كله , وفجأة هدأ كل شئ...
أستيقظت لأجد نفسى ملقى على الأرض لكن لايوجد أى أثر للقط ,وضعت يدى على مكان الطعنة ...
اندهشت بشدة فلم يكن لها أثر ...
أى أثر ...
ظننت ان هذا كله كان كابوسا تعرضت له ...
إلا أننى وجدت قطعا بقميصى مكان طعنة الخنجر ...
عندها ايقنت بكل شئ, وعزمت الا اشغل بالى الا بشئ واحد وهو الأنتقام...
ومتى يحل الظلام سوف أبدأ انتقامى الشديد...
والدامى ...