كسوة الكعبة المشرفة هي قطعة من الحرير المنقوش عليه آيات من القرآن الكريم تكسا بها الكعبة المشرفة.
أول من كسا الكعبة
تقول بعض المصادر التاريخية أن أول من كسا الكعبة هو سيدنا
إسماعيل عليه السلام بينما تشير مصادر أخرى إلى أن عدنان
الجد الأعلى للنبى محمد صلى الله عليه وسلم هو أول من
كساها ، غير أنه من الثابت تاريخيا أن أول من كسا الكعبة
كسوة كاملة هو تبع أبى كرب أسعد ملك حمير في العام 220
قبل الهجرة ، وفي حديث يروى عن النبى محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال " لا تسبوا تبعا فإنه كان قد أسلم "
كسوة الكعبة قبل الإسلام
وفي عهد قصي بن كلاب فرض على قبائل قريش رفادة كسوة
الكعبة سنويا بجمع المال من كل قبيلة كل حسب مقدرتها ، حتى
جاء أبو ربيعة بن المغيرة المخزومي وكان من أثرياء قريش
فقال : أنا أكسو الكعبة وحدي سنة ، وجميع قريش سنة ، وظل
يكسو الكعبة إلى أن مات ، وكانت الكعبة تُكسى قبل الإسلام في
يوم عاشوراء، ثم صارت تُكسى في يوم النحر
وأول أمرأة كست الكعبة هي نبيلة بنت حباب أم العباس بن عبد المطلب إيفاء لنذر نذرته.
كسوة الكعبة بعد الإسلام
وبعد فتح مكة في العام التاسع الهجري كسا الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع الكعبة بالثياب اليمانية وكانت نفقاتها من بيت مال المسلمين.
وفي عهد الخليفة عمر بن الخطاب أصبحت الكعبة تكسى بالقماش المصري المعروف بالقباطى وهي أثواب بيضاء رقيقة كانت تصنع في مصر بمدينة الفيوم.
وفي عهد معاوية بن أبي سفيان كسيت الكعبة كسوتين في العام كسوة في يوم عاشوراء والأخرى في آخر شهر رمضان أستعدادا لعيد الفطر ،
كما أن معاوية هو أيضا أول من طيب الكعبة في موسم الحج وفي شهر رجب.
كسوة الكعبة في عهد الدولة العباسية
أهتم خلفاء الدولة العباسية اهتماما كبيرا بكسوة الكعبة حتى
أنها كانت تكسى في بعض السنوات ثلاث مرات في السنة ،
وكانت الكسوة تصنع من أجود أنواع الحرير والديباج الأحمر والأبيض والقماش الأبيض القباطي.
وفي عهد الخليفة المأمون كانت الكعبة تكسى ثلاث مرات في
السنة ففى يوم التروية كانت تكسى بالديباج الأحمر ، وفى أول
شهر رجب كانت تكسى بالقباطي ، وفي عيد الفطر تكسى
بالديباج الأبيض.
وأستمر اهتمام العباسيون بكسوة الكعبة إلى أن بدأت الدولة
العباسية في الضعف فكانت الكسوة تأتى من بعض ملوك الهند
وفارسواليمنومصر حتى اختصت مصر بكسوة الكعبة.
مصر وكسوة الكعبة
مع بداية الدولة الفاطمية أهتم الحكام الفاطميين بإرسال كسوة
الكعبة كل عام من مصر ، وكانت الكسوة بيضاء اللون.
وفى الدولة المملوكية وفي عهد السلطان الظاهر بيبرس
أصبحت الكسوة ترسل من مصر ، حيث كان المماليك يرون أن
هذا شرف لا يجب أن ينازعهم فيه أحد حتى ولو وصل الأمر إلى
القتال ، فقد أراد ملك اليمن "المجاهد" في عام 751هـ أن ينزع
كسوة الكعبة المصرية ليكسوها كسوة من اليمن ، فلما علم
بذلك أمير مكة أخبر المصريين فقبضوا عليه ، وأرسل مصفدا
في الأغلال إلى القاهرة.
كما كانت هناك أيضا محاولات لنيل شرف كسوة الكعبة من قبل
الفرس والعراق ولكن سلاطين المماليك لم يسمحوا لأى أحد أن
ينازعهم في هذا الشرف ، وللمحافظة على هذا الشرف أوقف
الملك الصالح إسماعيل بن عبد الملك الناصر محمد بن قلاوون
ملك مصر في عام 751هـ وقفا خاصا لكسوة الكعبة الخارجية
السوداء مرة كل سنة ، وهذا الوقف كان عبارة عن قريتين من
قرى القليوبية هما بيسوس وأبو الغيث ، وكان يتحصل من هذا
الوقف على 8900 درهم سنويا ، وظل هذا هو النظام القائم إلى
عهد السلطان العثماني سليمان القانوني.
وأستمرت مصر في نيل شرف كسوة الكعبة بعد سقوط دولة
المماليك وخضوعها للدولة العثمانية ، فقد أهتم السلطان سليم
الأول بتصنيع كسوة الكعبة وزركشتها وكذلك كسوة الحجرة
النبوية الشريفة ، وكسوة مقام إبراهيم الخليل عليه السلام.
وفي عهد السلطان سليمان القانونى أضاف إلى الوقف
المخصص لكسوة الكعبة سبع قري أخرى اتصبح عدد القرى
الموقوفة لكسوة الكعبة تسعة قرى وذلك للوفاء بإلتزامات
الكسوة ، وظلت كسوة الكعبة ترسل بانتظام من مصر بصورة
سنوية يحملها أمير الحج معه في قافلة الحج المصري.
وفى عهد محمد علي باشا توقفت مصر عن إرسال الكسوة بعد
الصدام الذى حدث بين الوهابيين في الأراضي الحجازية وقافلة
الحج المصرية في عام 1222هـ الموافق عام 1807م ، ولكن
أعادت مصر إرسال الكسوة في العام 1228هـ .
وقد تأسست دار لصناعة كسوة الكعبة بحي "الخرنفش" في
القاهرة عام 1233هـ ، وهو حي عريق يقع عند التقاء شارع
بين السورين وميدان باب الشعرية ، وما زالت هذه الدار قائمة
حتى الآن وتحتفظ بآخر كسوة صنعت للكعبة المشرفة داخلها ،
واستمر العمل في دار الخرنفش حتى عام 1962م إذ توقفت
مصر عن إرسال كسوة الكعبة لما تولت المملكة العربية
السعودية شرف صناعتها.
كسوة الكعبة في العصر الحديث
في العام 1927م أصدر الملك عبد العزيز آل السعود أمرا ملكيا
بتشييد مصنع أم القرى لصناعة الكسوة الشريفة وكان أول مدير
للمصنع الشيخ عبد الرحمن مظهر حسين مظهر الأنصاري ،
وفي العام 1977م أنشأت السعودية مصنعا جديدا لكسوة الكعبة
في أم الجود مازال مستمرا إلى الآن في تصنيع الكسوة الشريفة.
و يتم تغيير كسوة الكعبة سنويا و ذلك خلال موسم الحج ،
والكسوة التي يتم ازالتها من الكعبة تقطع إلى قطع صغيرة و يتم
إهدائها إلى شخصيات إسلامية ، في سنة 1982 قامت المملكة
بإهداء قطعة إلى الأمم المتحدة التي تقوم بعرضها في قاعة
الإستقبلات.
وصف كسوة الكعبة
تصنع كسوة الكعبة من الحرير الطبيعي الخالص الذى يتم صبغه
باللون الأسود ، ويبلغ ارتفاع الثوب 14 مترا، في الثلث الأعلى
من هذا الارتفاع يوجد حزام الكسوة بعرض 95سم وبطول 47
مترا مكتوب عليه آيات قرآنية مختلفة بالخط الثلث المركب ،
ويطرز الحزام بتطريز بارز مغطى بسلك فضي مطلي بالذهب.
وتشتمل كسوة الكعبة على ستارة باب الكعبة ويطلق عليها أسم
البرقع وهي من الحرير بارتفاع ستة أمتار ونصف وعرض ثلاثة
أمتار ونصف مكتوب عليها آيات قرآنية