herooo ادارى متميز
عدد الرسائل : 1424 العمر : 36 الموقع : القاهره العمل/الترفيه : الكتابه المزاج : حزين رساله : do3a2 : عرفت المنتدى ازاى؟ : لا اله الا الله : المزاج : نقاط : 3690 السٌّمعَة : 3 تاريخ التسجيل : 16/10/2008
| موضوع: كيف تصلى وتخشع الخميس ديسمبر 03, 2009 4:31 am | |
| [size=18]بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله تعالى نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمداً عبده ورسوله. { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ } { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ( 70 ) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا }
أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى وأحسن الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعه وكل بدعه ضلاله وكل ضلاله في النار.
مما لا شك فيه أن الصلاة من أعظم أركان الدين بعد الشهادتين. وهى أمر رب العالمين حيث قال في كتابه الكريم {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ } وأثنى على المتقين ووصفهم بأنهم هم الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة. وهى الوصية الأخيرة للرسول الأمين صلى الله عليه وسلم فقد وصى بالصلاة في آخر رمقٍ له، فقد أخرج النسائي عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال: " كانت آخر وصيه رسول الله r وهو يغرغر بها لسانه الصلاة الصلاة، اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم"
والصلاة من أعظم مكفرات الذنوب: - فقد أخرج الطبراني عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله r : " تحترقون(1) تحترقون فإذا صليتم الصبح غسلتها (2) ، ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم الظهر غسلتها، ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم العصر غسلتها، ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم المغرب غسلتها، ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم العشاء غسلتها ثم تنامون فلا يكتب عليكم شيء حتى تستيقظوا ".
وهى أحب الأعمال إلى الله عز وجل: - فقد أخرج البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود t قال: " سألت النبي r أي الأعمال أحبُّ إلى الله؟ قال: الصلاة على أوقاتها ، قلت: ثم أيّ؟ قال: بر الوالدين ، قلت: ثم أيّ؟ ، قال: الجهاد في سبيل الله ".
والصلاة نجاه من عذاب النار : - فقد أخرج الإمام مسلم عن عماره بن رويبه قال: قال رسول الله r : " لن يلج النارَ أحدٌ صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ". - وعند الإمام أحمد والترمذي أن النبي r قال : " من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حُرَّم على النار ".
والصلاة أفضل عبادات البدن وهى خير ما يتقرب به العبد إلى الله سبحانه وتعالى: - اخرج ابن ماجة وغيره أن النبي r قال: " استقيموا ولن تُحصوا واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة". وغير ذلك من الفضائل التي تتميز بها الصلاة دون غيرها من العبادات ".
_____________________________________________________ (1) تحترقون : أي تقعون في الهلاك بسبب الذنوب الكثيرة . (2) غسلتها : أي إذا صليتم الفريضة أُزيلت هذه الخطايا ورجعت صحيفتكم طاهرة نقيه .ولما علم عدو الله إبليس هذا الفضل للصلاة أحب أن يصرف الناس عنها وذلك لما يحمله من حقد وعداوة لذرية آدم والذي كان سبباً لخروجه من الجنة. فعندما قال الله عز وجل لملائكته {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً } وأمر الملائكة أن يسجدوا له فقال رب العزة {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ } ( الحجر:29 ) {فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ (11) قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ } ( الأعراف 11 : 12 ) وكانت النتيجة أن طرده الله عز وجل من الجنة وجعله ملعوناًً إلى يوم الدين. قال تعالى {قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (77) وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ } ( ص 77 : 78 ) فإذا به يطلب من الله عز وجل أن يتركه حياً إلى يوم البعث فقال: {قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} ( ص79) فقال له رب العزة:{ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ} (ص 80) ولكن يا ترى لما طلب هذا الملعون أن يمكث حياً إلى يوم القيامة؟! هو يفصح عن هذا فيقول : {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ } ( ص 82 : 83 ) إذاً طلب المكث من أجل إغواء بنى آدم وصدهم عن الصراط المستقيم. حيث قال: {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ} ( الأعراف 16) ولقد حذرنا الله عز وجل منه كثيراً، وبين لنا رب العزة عما يريده الشيطان منا فقال تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ} ( المائدة 91 ) فأخبر الله سبحانه وتعالى أن الشيطان يريد أن يصدنا عن ذكر الله، وذكر الله تعالى يشمل الصلاة وغيرها لكنه عز وجل ذكر الصلاة على وجه الخصوص وهذا ما يسمى في علم البلاغة بعطف الخاص على العام لبيان أهمية الخاص، وكأن الله يريد أن يقول لنا إن أهم الذكر الذي يريد أن يصدكم عنه الشيطان إنما هو الصلاة. والعلة في ذلك أن الصلاة هي أقوى عبادة تصل الإنسان بربه وفيها أهم مظهر تعبدي وهو السجود والذي يسعى الشيطان بالا يفعله الإنسان حتى يكونا في المعصية سواء ويكون معه في سواء الجحيم. فالسجود أكثر ما يصل العبد بربه ويقربه إليه قال تعال {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ } وقال النبي r كما عند مسلم : " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء " فيحول الشيطان بينك وبين السجود لأن السجود يذكر الشيطان بمعصيته حيث أُمُر به فأبى فقد أخرج الإمام مسلم من حديث أبى هريرة أن النبي r قال : " وإذا قرء ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكى ويقول يا ويلى أمُر أبن آدم بالسجود فسجد فله الجنة وأمرت بالسجود فأبيت فلى النار". ولذلك الشيطان حريص على أن يصدنا عن الصلاة ويصرفنا عنها. ويأتي وقت الصلاة فيؤذن المؤذن وينادى حي على الصلاة حي على الفلاح وما أن يسمع الشيطان الأذان الذي هو بمثابة نداء للصلاة وإعلان عن وقتها حتى تنتابه حالة من هياج شديد وما أن ينتهي الأذان حتى يقبل على المسلم يوسوس له ويلهيه بشتى الوسائل حتى لا يلبى نداء الصلاة ويقصر عنها. وحقاً يُفلح الشيطان كثيراً فنرى من يجلس أمام التليفزيون يتابع فيلماً أو مبارة كروية ولا يبإلى بالأذان ولا بالصلاة وآخر على المقهى وآخر على النواصي والطرقات ينظر للمتبرجات وآخر يشغله العمل ويتشدق بقوله العمل عبادة (نعم عبادة للشيطان أن شغلك عن عبادة الرحمن) وآخرى يشغلها المسلسل والفيلم أو المكياج والمنكير أو الطهى وغير ذلك عن الصلاة. ولكن هناك من لا يستطيع الشيطان أن يقعده عن الصلاة فيذهب ليلبى نداء الله وفجأة يسمع الشيطان التثويب (الإقامة) بالصلاة فيعلم أن هناك من ذهب ليصلى ويذكر الله ويسجد له فتعود له حالة الهياج فإذا قضى التثويب أقبل ولكن يا ترى يقبل على من؟ أنه يقبل على المصلى في صلاته حتى يفسد عليه صلاته فيعبث بفكره فلا يدرى كم صلى ولا ماذا يقول أو يعبث بجوارحه فيجعله ينقرها. وهذا ما بينه النبي r كما عند البخارى من حديث أبى هريرة : " إذا نودى بالصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع الأذان فإذا قضى الأذان أقبل فإذا ثوب بها أدبر، فإذا قضى التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه ويقول أذكر كذا وكذا ما لم يذكر حتى يظل الرجل أن يدرى كم صلى فإذا لم يدر أحدكم صلى ثلاثاً أو أربعاً فليسجد سجدتين وهو جالس".فأحذر أخي الحبيب : أن يلبس عليك الشيطان ويصدك عن الصلاة فتتركها والحذار الحذار إن صليت أن يلبس عليك في صلاتك فتخرج منها كما دخلت فيها لا أجر لك. - فقد أخرج البخاري في صحيحه عن أبى هريرة t قال : " دخل المسجد رجل(1) فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فرد عليه وقال : ارجع فصلى فإنك لم تصل فرجع يصلى كما صلى ثم جاء فسلم على النبي r فقال : ارجع فصلى فإنك لم تصل ... ثلاثاً ". فها هو الصحابي يأتي ويتوضأ ثم يستقبل القبلة وقام وركع وسجد ومع هذا فقد حكم النبى صلى الله عليه وسلم عليه ثلاثاً أنه لم يصلى. إذاً فالصلاة ليست بالحركات التي تؤدى بل لابد من الخشوع.
والنبي r يخبر عن الخشوع أول ما يرفع من هذه الأمة فقد أخرج الطبراني في الكبير بسند صحيح صححه الألباني من حديث أبى الدرداء مرفوعاً " أول شئٍ يرفع من هذه الأمة الخشوع حتى لا ترى فيها خاشعاً ". وقال حذيفة t أول ما تفقدون من دينكم الخشوع، وآخر ما تفقدون من دينكم الصلاة فأحذر أخي الحبيب أن تكون ممن حذر منه النبي r أو تقع فيما حذر منه أو تكون ممن يُقال له أرجع فصلى فإنك لم تصل. وعليك أن تجتهد أن تدخل تحت قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ َ(1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ } فتشعر بلذة المناجاة وبالأنس بالله وتكون كحاتم الأصم عندما سئل كيف تصلى؟ قال: كنت إذا أردت الصلاة توضأت فأحسنت الوضوء ثم كبرت فجعلت الكعبة أمامي والموت ورائي والجنة عن يميني والنار عن شمإلي والصراط تحت قدمي والله تعالى مطلعاً علىّ.
____________________________________ (1) الرجل هو : الصحابي الجليل : خلاد بن رافع .تعريف الخشوع - هو هيئه في النفس يظهر منها على الجوارح سكون وتواضع نتيجة استقرار اليقين في القلب بلقاء الله تعالى. والخشوع في الصلاة معناه: - هو حضور الذهن فيما يقوله ويفعله المصلى ومعرفه حق من يقف أمامه ويناجيه مما يؤدى إلى تذلل القلب وخضوعه إقراراً لهذا الحق ومن ثم اطمئنان الجوارح وسكينتها. - وقيل هو لين القلب ورقته وسكونه وخضوعه وانكساره فإذا خشع القلب تتبعه خشوع جميع الجوارح والأعضاء. ولذلك ثبت عن النبي r في صحيح مسلم انه كان يقول في صلاته " خشع لك سمعي و بصري و مخي و عظمي و عصبي وما استقلت به قدمي لله رب العالمين ". فالصلاة إذاً صلة بين العبد وربه ينقطع فيها الإنسان عن شواغل الحياة ويتجه بكيانه كله لربه يستمد منه الهداية والعون والتسديد ويسأله الثبات على الصراط المستقيم ولكن الناس يختلفون في هذه الصلة فمنهم من تزيده صلاته إقبالاً على الله ومنهم لا تؤثر فيه صلاته إلى الحد الملموس بل هو يؤديها بحركات وقراءه وذكر وتسبيح ويؤديها من غير شعور كامل لما يفعل ولا استحضار لما يقول والصلاة التي يريدها الإسلام ليست مجرد أقوال يلوكها اللسان وحركات تؤديها الجوارح بلا تدبر من عقل ولا خشوع من قلب.
ولعل سائل يسأل لماذا نخشع في الصلاة ؟ * فالجواب : 1) لأن الصلاة تعنى لقاء مع رب الأرباب الذي خلق الكون وسخرَّه للإنسان واصبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنه فكيف لا نخشع ونذل شكراً لهذا الرب الكريم العظيم. 2) لأن القلب إذا كان يطرب لمقابله شخص عزيز أو كان يضطرب لمقابله رئيسه في العمل مثلاً أو يهفو للقاء الحبيب فكيف لا يطرب ولا يضطرب ولا يهفو للقاء من بيدهِ ملكوت كل شيء وهو أحب إلينا من كل حبيب وأقرب إلينا من كل قريب. 3) لأن الصلاة اتصال روحي بالله القدير الذي يُسَيَّرُ أمور الكون كله هذا الاتصال يمد الخاشع في صلاته(هو وحده دون غيره) بقوة روحية لا تعادلها قوة على مواجة متاعب ومصاعب وشدائد الحياة اليومية. 4) لأن الصلاة عماد الدين من أقامها أقام الدين ومن هدمها هدم الدين. 5) لأن الرسول r أوصى بها في مرض موته قائلاً : " الصلاة الصلاة " وبدون خشوع أنت تفسد وتضيع هذه الصلاة التي وصاك الرسول بها. 6) لأن الدعاء في الصلاة والقلب خاشع يجعل الذهن حاضرا وهو أول شروط قبول الدعاء فقد أخرج الترمذي والحاكم وصححه الالباني من حديث أبى هريرة أن النبي r قال : " أدعو الله وأنتم موقنون بالإجابة واعلموا أن الله لا يستجيب دعاءً من قلبٍ غافلٍ لاًه ". 7) لأن الرسول r قال كما عند أبى داود والنسائي وأحمد: " أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة صلاته. يقول ربنا عز وجل لملائكته (وهو أعلم)انظروا في صلاة عبدي أتمها أم نقصها، فإن كانت تامة كتبت له تامة وإن كان انتقص منها شيئاً قال: انظروا هل لعبدي من تطوع؟ فإن كان له تطوع قال: أتمِوا لعبدي فريضته. ثم تؤخذ الأعمال على ذلكم ". وجدير بالذكر أن تمام الصلاة هو تمام الخشوع في الركوع والسجود والقيام. 8) لأن الخشوع هو ما يغاير ويفرق بين صلاة هذا وذاك في الأجر ففي السنن أن النبي r قال: " إن العبد لينصرف من صلاته ولم يكتب له منها إلا نصفها إلا ثلثها إلا ربعها إلا خمسها إلا سدسها إلا سبعها إلا ثمنها إلا تسعها إلا عشرها ". 9) لأن الخشوع يجعل المصلى يقترب بروحه من خالقه فيشعر بلذة الصلاة التي قال عنها ابن تيميه ((إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة)) 10) وأخيراً لأن الله وَعَدَ – وهو لا يخلف الوعد – الخاشعين في صلاتهم بالفلاح أى النجاة في الدنيا والآخرة حين قال سبحانه{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ َ(1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ }( المؤمنون 1 : 2) فبعد أن مدحهم الله على الصلاة والخشوع فيها وعدد أوصاف لهم وختمها بالصلاة أيضاً فقال تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ}( المؤمنون 9) ثم وعدهم بالفردوس حين قال{أُوْلَئِكَ هُمُ الوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}(المؤمنون 10: 11) حكم الخشوع 1- قال القرطبى : - اختلف الناس في الخشوع : هل هو من فرائض الصلاة أو من فضائلها ومكتملاتها؟ على قولين والصحيح الأول / ومحله القلب.
2- وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - في قوله تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الخَاشِعِينَ} ( البقرة 45) وهذا يقتضى ذم غير الخاشعين والذم لا يكون إلا لترك واجب أو فعل محرم وإذا كان غير الخاشعين مذمومين دل ذلك علي وجوب الخشوع.
- قال شيخ الإسلام ابن تيميه – رحمه الله أيضا كما في الفتاوى (22/554) " ويدل على وجوب الخشوع قوله تعالى {قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ} إلى قوله {أُوْلَئِكَ هُمُ الوَارِثُونَ(10)الَّذِينَ يَرِثُونَ الفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }( المؤمنون 10 : 11)
- أخبر سبحانه أن هؤلاء هم الذين يرثون جنة الفردوس وذلك يقتضى أنه لا يرثها غيرهم وقد دل هذا على وجود هذه الخصال إذ لو كان فيها ما هو مستحب لكانت جنه الفردوس تورث بدونها لأن الجنة تنال بفعل الواجبات دون المستحبات ولهذا لم يذكر في هذه الخصال إلا ما هو واجب.
3- ويدل على وجوب الخشوع في الصلاة أن النبي r توعد للذين يرفعون أبصارهم إلى السماء لأن هذا يتنافي مع الخشوع في الصلاة. - فقد أخرج الإمام مسلم من حديث جابر بن سمره t قال : " دخل رسول الله r المسجد وفيهِ ناس يصلون رافعى أبصارهم إلى السماء فقال: "لينتهينَ رجالُُُ يشخصون أبصارهم إلى السماء أو لترجع إليهم أبصارهم ".
4- وقال الإمام أبو حامد الغزالى– رحمه الله– كما في الإحياء ‑1/165:
((بيان اشتراط الخشوع وحضور القلب)) - أعلم أن الأدلة على ذلك كثيرة من ذلك قوله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} وظاهر الأمر للوجوب. والغفلة تضادُّ الذكر فمن غفل في جميع صلاته كيف يكون مقيما للصلاة لذكره. وقوله تعالى: {وَلاَ تَكُن مِّنَ الغَافِلِينَ} (الأعراف 205) فهذا نهى وظاهر النهى التحريم، فالتحقيق أن المصلى مناج ربه عز وجل في الحديث المتفق عليه من حديث أنس "المصلى يناجى ربه". والكلام والصلاة مع الغفلة ليس بمناجاة ألبته.
5- قال ابن القيم كما في مدارج السالكين : - قال بعض السلف: الصلاة كجارية تهدى إلى ملك من الملوك، فما الظن بمن يُهدى إليه جارية شلآء أو عوراء أو عمياء أو مقطوعة اليد والرجل أو مريضة أو دميمة أو قبيحة حتى يُهدى إليه جارية ميتة بلا روح وجارية قبيحة فكيف بالصلاة التي يهديها العبد ويتقرب بها إلى ربه تعالى؟! والله طيب لا يقبل إلا طيبا. - وليس من العمل الطيب: صلاه لا روح فيها كما ليس من العتق الطيب: عتق عبد لا روح فيه. وبعد هذه المقدمة يبقى السؤال: كيف نكون من الخاشعين حتى يرضى عنا ويتقبل منا ربُ العالمين ؟
إذا أردت ذلك فعليك بمراعاة الآتى: أولاً : إزالة المعوقات التي تحول بينك و بين تحصيل لذة المفاجأة وهى أمور يجب مراعاتها قبل الدخول في الصلاة. ثانياً : هناك أمور تعينك على تحصيل الخشوع. ثالثاً : هناك أمور تُفعل أثناء الصلاة.
أولاً: الأمور التي يجب مراعاتها قبل الدخول في الصلاة كما مر معنا أن الشيطان يحاول جاهداً أن يقطع على الإنسان خشوعه ويفسد عليه صلاته. والشيطان لكي يحقق ذلك يسلك دروباً وطرقاً متعددة ليصل عن طريقها إلى قلب المصلى ليفسد عليه صلاته وتكون بلا حضور ولا خشوع. 1. تارة عن طريق العقل. 2. تارة عن طريق البطن. 3. تارة عن طريق الجوف. 4. تارة عن طريق البصر. 5. تارة عن طريق السمع. 6. تارة عن طريق الشم. فهيا لنغلق على الشيطان هذه الأبواب.
1. حضور العقل: لاشك أن العقل من أهم وأشرف الأعضاء في الجسد فهو مناط التكليف ولذلك نجد أن الإسلام رفع القلم عمن غاب عقلهم. فقد أخرج ابن ماجه أن النبي r قال : " رفع القلم عن ثلاث عن الصبي حتى يبلغ – يحتلم – وعن النائم حتى يستيقظ وعن المجنون حتى يفيق". والصلاة عبادة تحتاج إلى تعقل ولذلك رأينا في القران أن الله عز وجل ينهى عن قرب الصلاة في حال السكر – أيام كان شرب الخمر مباحاً - فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} ذلك لأن السكران غير متعقل فهو لا يدرى ماذا يقول وماذا يفعل فالعلة هي {حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ}
فكأن الله تعالى يقول شرط الصلاة أن يعلم المصلى ما يقول، وسبب نزول هذه الآية كما ذكر الترمذي في أبواب التفسير أن على بن أبى طالب t قال وضع لنا عبد الرحمن ابن عوف طعاماً فدعانا وسقانا من الخمر – وذلك قبل التحريم – فأخذت الخمر منه وحضرت الصلاة فقد قرأت (قل يا أيها الكافرون لا أعبدُ ما تعبدون، ونحن نعبد ما تعبدون) فأنزل الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} وكذلك يبين لنا النبى (صلى الله عليه وسلم) أهمية اليقظة العقلية وكيف أن الشيطان يستغل الفتور العقلي ويفسد علي المصلى صلاته ويجرى على لسانه ما لم يرده. - فقد أخرج البخاري عن عائشة (رضي الله عنها)أن رسول الله r قال: " إذا نعس أحدكم وهو يصلى فليرقد حتى يذهب عنه النوم فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس لا يدرى لعله يستغفر فيسب نفسه ". فالنبي r يحذر من الصلاة حال الكسل والنعاس لأنه يصيب العقل بفتور ويجعله باباً مفتوحاً للشيطان وسرعان ما يدخله ويجرى على المصلى ما لا يقصده وما لا يرضاه ويغيب العقل ويجعله يسرح في الصلاة فلا بد من حضور العقل لكي تتعقل وتفهم ما تقول. النعاس: هو مشارفة النوم حيث يسمع الناعس الكلام ولا يفهم معناه. ونقل ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى عن ابن عباس ( رضى الله عنهما) قال: " ليس من صلاتك ألا ما عقلت منها ". أخرج الترمذي وابن ماجه من حديث أبى هريرة قال : قال رسول الله r : " إن الله تعالى يقول: يا ابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وأسُد فقرك، وان لا تفعل ملأت يديك شغلاً ولم أَسِد فقرك ". أي إذا كنت في صلاة لا تنشغل عنها بغيرها وهذا هو معنى من معاني تفرغ لعبادتي ، وكذلك إذا قرأت القران لا تنشغل عنه بغيره بل استحضر القلب عند القراءة وهكذا في كل عبادة تفعلها.
3.2. تعهد البطن والجوف : أ- تعهد البطن : أخرج الإمام مسلم من حديث عائشة – رضى الله عنها - قالت: سمعت رسول الله r يقول " لا صلاة بحضرة الطعام ولا هو يدافعهُ الأخبثان ". فالنبي r نهى عن الصلاة في حضور الطعام وذلك حتى لا تشغلهُ بطنهُ عن الصلاة ويستغل الشيطان ذلك فيذكرهُ بالطعام والجوع ويظل به هكذا حتى يفسد عليه الصلاة. ولكن يراعى قول الجمهور: - أن تقديمه الطعام على الصلاة منوط بشرط وهو سعة الوقت فلو أن الوقت ضيق وخشى إذا أكل أن يخرج الوقت فإنه يقدم الصلاة على الطعام وذلك لأن إذا تعارضت مفسدتان أخذنا أخفهما وكون المصلى يصلى وهو جائع أخف من أن يخرج وقت الصلاة. ويؤكد هذا في وقت الخوف، والعقل مشغول بالعدو لم يبح لنا الإسلام إخراج الصلاة عن وقتها وإنما شرع لنا صلاة الخوف.
ب- تعهد الجوف: وكذلك نهى النبي r عن الصلاة مع مدافعة الحدث - كما مر معنا في الحديث السابق لأن هذا يجعله في عدم استقرار وعدم تركيز واتزان فلابد أن يفرغ ما في جوفه بداية ثم يأتي إلى الصلاة مطمئناً. 1- أخرج ابن ماجه في سننه وهو في صحيح الجامع : " نهى رسول الله r أن يصلى الرجل وهو حاقن ". (الحاقب: من حبس برازه – الحازق: من حبس ريحاً – الحاقن: من حبس بوله).
2- وأخرج أبو داود عن عروة بن الزبير عن عبد الله بن الأرقم: " أنه خرج حاجاً أو معتمراً ومعه الناس وهو يؤمهم فلما كان ذات يوم أقام الصلاة – صلاة الصبح – ثم قال ليتقدم أحدكم – وذهب إلى الخلاء - (ثم قال) فإني سمعت رسول الله r يقول: " إذا أراد أحدكم أن يذهب إلى الخلاء وقامت الصلاة فليبدأ بالخلاء ".
3- وصدق أبو الدرداء حيث قال "كما في فتح الباري(2/128) من فقه المرء إقباله على حاجته حتى يقبل على صلاته وقلبه فارغ (أي فارغ من شواغل الدنيا وما يمنعه من الخشوع في الصلاة).4. تعهد البصر: فللبصر تأثير بالغ وكبير على العقل والقلب فما أن يقع البصر على شيء حتى تنتقل الصور إلى العقل والقلب متحولة إلى أفكار تسيطر على عقل المصلى وتشغله في الصلاة، وقد سُأل النبي r كما جاء في صحيح البخاري عن الألتفات في الصلاة فقال: " هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد ". ولذلك كان توجيه النبي لأنس كما في سنن البيهقى : " يا أنس اجعل بصرك حيث تسجد ". وفي هذه إشارة واضحة إلى أن الخشوع يتأكد بعدم تشتيت البصر ولذلك راعى النبي r كل ما يشغلك ويشتت النظر من ملبس أو المكان المعد الصلاة.
أما بالنسبة للملبس: - فقد اخرج البخاري عن عائشة رضي الله عنها: " أن النبي r صلى في خميصه بها أعلام فنظر إلى أعلامها نظرة فلما انصرف قال: أذهب بخميصتي(1) هذه إلى أبى جهم وائتوني بأنبجاتية(2) أبى جهم فإنها ألهتني آنفا في صلاتي ". فإذا كان الثوب شغله في الصلاة ونزعه خشية على خشوعه فنحن من باب أولى.
أما بالنسبة لموضوع الصلاة: 1- فقد أخرج البخاري عن أنس t قال: " كان قرام(3) لعائشة سترت به جانب بيتها فقال النبى r أميطي(4) عنا قرامك هذا فإنه لا تزال تصاويره تعرض(5) في صلاتي ".
_________________________________________________________ (1) الخميصة : كساء مربع له علمان. وهو غإلى الثمن يأتى من الشام وسمى خميصة لخفته وصفرة إلى طول. (2) أنبجاتية : كساء غليظ لا علم له معروف عند العرب. (3) القرام: ستر رقيق من صوف ذو ألوان وقيل فيه رقم ونقش. (4) أميطى: أزيلى (5) تعرض: تلوح 2- وأخرج الإمام مسلم عن القاسم عن عائشة (رضي الله عنها) أنها كان لها ثوب فيه تصاوير ممدود إلى سهوه(1) ، فكان النبي r يصلى إليه فقال: " أخريه عنى فإن تصاويره تعرض لي في صلاتى " فأخرته فجعلته وسائد. ويدل على ذلك أيضا ما أخرجه أبو داود وهو في صحيح الجامع : " أن النبي r لما دخل الكعبة ليصلى فيها رأى قرني كبش فلما صلى قال لعثمان الحجبي: إني نسيت أن آمرك أن تخمر القرنين فإنه ليس ينبغي أن يكون في البيت شيء يشغل المصلى" . وهنا ينبغي أن ننتبه إلى زخرفة المساجد والتي أصبحت سمه من سمات هذا العصر وزخرفة المساجد ليست من هدى سيد المرسلين بل فيها متابعة لأحفاد القردة والخنازير. - فقد أخرج البخاري عن ابن عباس t أنه قال: " لتُزخْرِفُنَها كما زخرفت اليهود والنصارى". بل عد النبي r زخرفه المساجد علامة من علامات الساعة: - فقد أخرج أبو داود عن أنس قال: قال النبي r : " لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد " فلابد من الرجوع إلى خير القرون وانظر إلى قول عمر عندما أمر ببناء المسجد قال: اُكِنَّ الناس من المطر وإياك أن تُحّمر أو تُصفر فتفتن الناس.
×ملحوظة أما الالتفات لحاجه فلا بأس به فقد روى أبو داود عن سهل بن الحنظليه قال: " ثوب بالصلاة - صلاة الصبح - فجعل رسول الله يصلى وهو يلتفت إلى الشعب ". قال أبو داود: وكان أرسل فارساً من الليل إلى الشعب يحرس وهذا: كحمله أُمامه بنت أبى العاصي. 3- وفتحه الباب لعائشة. 4- ونزوله من المنبر لما صلى بهم يعلمهم. 5- وتأخره في صلاه الكسوف. ______________________________________________________ (1) سهوه: بيت صغير منحدر في الأرض قليلا شبيه بالمخدع أو الخزانة. 6- وإمساكه الشيطان وخنقه لما أراد أن يقطع صلاته. 7- وأمره بقتل الحية والعقرب في الصلاة. 8- وأمره بردّ المار بين يدي المصلى ومقاتلته. 9- وأمره النساء بالتصفيق وإشارته في الصلاة.
وغير ذلك من الأفعال التي تفعل لحاجه، ولو كانت لغير حاجه كانت من العبث- المنافي للخشوع- المنهي عنه في الصلاة .
5. تعهد حاسة السمع فلاشك أن السمع طريقه موصل ومباشر للعقل فكل ما يشوش على سمع المصلى فهو يشوش على عقله وبالتالي يؤثر في خشوعه. - فقد أخرج أبو داود عن أبى سعيد الخدري قال: " اعتكف رسول الله r في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة فكشف الستر وقال ألا إن كلكم مناج ربه فلا يؤذين بعضكم بعضا ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة أو قال في الصلاة ". فإن رفع الصوت يجذب سمع المصلى ويخرجه عما يقول في صلاته. ولذلك نهى النبي r أن تصلى خلف من يتحدث أو خلف من هو نائم. - فقد أخرج أبو داود وهو في صحيح الجامع أن النبي r قال : " لا تصلوا خلف النائم ولا المتحدث. لأن المتحدث يلهى بحديثه، والنائم قد يبدو منه ما يلهى ". قال الخطابي: - أما الصلاة إلى المتحدثين فقد كرهها الشافعي وأحمد بن حنبل وذلك من أجل أن كلامهم يُشغل المصلى عن صلاته. -أما أدله النهى عن الصلاة خلف النائم فقد ضعفها عدد من أهل العلم ومنهم (أبو داود في سننه، وابن حجر في فتح الباري ..). وقال البخاري باب الصلاة خلف النائم وساق حديث عائشة: "كان النبي r يصلى وأنا راقدة معترضة على فراشه" وكره مالك وطاووس ومجاهد الصلاة إلى النائم خشيه أن يبدو منه ما يلهى المصلى عن صلاته. فإذا أُمن ذلك فلا تكره الصلاة خلف النائم.
6. تعهد حاسة الشم: وكذلك حاسة الشم من الحواس التي لها تأثير بالغ على عقل وقلب الإنسان، فالرائحة الطيبة تسكن النفس وتهدى الأعصاب، والرائحة الكريهة تهيج الأعصاب ويتمنى الإنسان أن لو بَعُدت عنه أو بَعُد عنها، ولذلك حرص النب r على ألا يعكر صفو المصلى وذلك بشم رائحة كريهة مثل "البصل أو الثوم أو الكراث". - فقد أخرج البخاري مسلم عن أنسt أن النبي r قال: "من أكل من هذه الشجرة – يعنى الثوم- فلا يقربنا ولا يصلى معنا". - وفي صحيح مسلم عن أبى هريرة t قال: قال رسول الله r : "من أكل من هذه الشجرة فلا يقربن مسجدنا ولا يؤذينا بريح الثوم". وذلك مراعاة لحال المصلين حتى لا يتأذوا من هذه الرائحة وينقطع عليهم الخشوع، ومراعاة كذلك لحال الملائكة فقد خرج أخرج الإمام مسلم من حديث جابر t قال: "نهى رسول الله صعن أكل البصل والكرات فغلتنا الحاجة فأكلنا منها فقال: من أكل من هذه الشجرة المنتنة فلا يقربن مسجدنا فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الإنس". ويلحق بالثوم والبصل الدخان، والجورب ذو الرائحة الكريهة، وملابس أصحاب المهن والأعمال الشاقة التي تنبعث منها رائحة العرق النافذة أو تكون متسخة مثل الملابس المشحمة.
ثانياً: الأمور التي تعينك على تحصيل الخشوع: 1. تذكر الموت في الصلاة. 2. التفكر في حال السلف وكيف كانت صلاتهم. 3. تعهد المكان الذي تصلى فيه. 4. معرفة فضل الخشوع. 5. شهود نعم الله عليك مع الاعتراف بكثرة الذنوب. 6. الدعاء. فهيا إلى التفصيــل تذكر الموت في الصلاة: أخرج الديلمى في مسند الفردوس بسندٍ حسن، عن أنس أن النبي r قال: " اذكر الموت في صلاتك فإن الرجل إذا ذكر الموت في صلاته فحرى أن يحسن صلاته وصلِّى صلاة رجل لا يظن أنه يصلى صلاة غيرها وإياك وكل أمر يعتذر منه ". وفي هذا المعنى أيضاً وصية النبي r لأبى أيوب t فقد أخرج الإمام أحمد وابن ماجة أن النبي r قال لأبى أيوب الأنصاري : "إذا قمت في صلاتك فصل صلاة مودع ولا تتكلم بكلام تعتذر منه وأجمع اليأس عما في أيدى الناس " صل صلاة مودع: يعنى صلاة من يظن انه لن يصلى غيرها. وإذا كان المصلى سيموت ولابد فإن هناك صلاة ما هي آخر صلاة له فليخشع في الصلاة التي هو فيها فإنه لا يدرى لعل هذه تكون هي الأخيرة. وكان بكر المزنى يقول: إذا أردت أن تنفعك صلاتك فقل لعلى لا أصلى غيرها. ولك أن تتخيل أن العدو أسرك وسيضرب عنقك ثم طلبت منهم أن يتركوك تصلى ركعتين لله فكيف حال هاتين الركعتين؟! هكذا كن في صلاتك
التفكير في حال السلف وكيف كانت صلاتهم حتى نقتدي بهم وكيف كانوا وكيف اصحبنا: قال ابن رجب في كتابه الخشوع في الصلاة: لو رأيت أحدهم وقد قام إلى صلاته فلما وقف في محرابه واستفتح كلام سيده خطر على قلبه أن ذلك المقام هو المقام الذي يقوم الناسُ فيه لرب العالمين فانخلع قلبه وذهل عقله. 1- وكان حاتم الأصم يقول "عندما سئل عن صلاته": إذا حانت الصلاة أسبغت الوضوء وأتيتُ الموضع الذي أريد الصلاة فيه فأقعد فيه حتى تجتمع جوارحي ثم أقوم إلى صلاتي واجعل الكعبة بن حاجبي (أمامي) والجنة عن يميني والنار عن شمالي وملك الموت ورائي أظنها آخر صلاه أصليها ثم أقوم بين الرجاء والخوف (يعنى أخاف ذنوبي ولكني أطمع في رحمه ربى ) - وقال في موضع أخر أقوم بالأمر وأمشى بالخشية والسكينة وأدخل بالنية وأكبر بالعظمة وأقرأ بالترتيل والتفكر، وأركع بالخشوع، واسجد بالتواضع، واجلس للتشهد بالتمام، وأسلم بالنية، وأختمها بالإخلاص لله عز وجل وأرجع إلى نفسي بالخوف أخاف أن لا يقبل منى.
2- وها هو عبد الله بن الزبير: كان إذا صلى كأنه عود من الخشوع ولقد كان الطير يقف عليه لا يحسبه إلا جذع شجرة. وكان يصلى في جوف الكعبة وهو محاصر بجيش عبد الملك بن مروان الذي يسدد ضرباته بالمنجنيق من جبل أبى قبيس للقضاء عليه وعلى اتباعه ومرت فلقة من حجر عظيم بين لحيته وحلقه فما زال رضى الله عنه عن مقامه ولا ظهر على صورته هم ولا اهتمام ولا قطع قراءته ولا ركع دون ما يركع حتى فرغ من صلاته. وأيضاً عندما سجد فأتى المنجنيق فأخذ طائفة من ثوبه وهو في الصلاة وما رفع رأسه ولا أهتم لذلك. ولقد ركع ذات مرة وكان رجل من أصحابه يقرأ القرآن فما قام t من ركعته حتى انتهى الرجل من تلاوته البقرة، وآل عمران، والنساء، والمادة. وروى عنه أنه كان يصلى ذات يوم في بيته فسقطت حية من السقف فطوقت على بطن ابنه هاشم فصرخ النسوة وانزعج أهل الدار واجتمعوا على قتل الحية فقتلوها وسلم الولد.... فقد فعلوا كل ذلك وابن الزبير في صلاته حتى فرغ من صلاته لم يلتفت ولا يدرى بما كان حتى فرغ من صلاته.
3- وانظر إلى عطاء بن أبى رباح: يقول عنه ابن جريج لزمته ثمانى عشرة سنة بعدما كبر وضعف جسمه يقوم إلى الصلاة فيقرأ مائتي آية من البقرة وهو قائم لا يتحرك.
4- أبو حاتم الرازى، ومحمد ابن نصر المروزى: قال أبو بكر الصبغى: أدركت إمامين لم أُرزق السماع منهما أبو حاتم فما رأيت أحسن صلاة منه، فقد بلغني أن زنبوراً وقع على جبهته فسال الدم على وجهه ولم يتحرك. وقال محمد بن يعقوب الأخرم: ما رأيت أحسن صلاة من محمد بن نصر كان الذباب يقع على آذنه فلا يذبه عن نفسه، ولقد كنا نتعجب من حسن صلاته وخشوعه وهيبته للصلاة. وكان يضع ذقنه على صدره كأنه خشبه منصوبة. (تعظيم حق الصلاة 1/58)
5- خلف بن أيوب كان لا يطرد الذباب عن وجهه في الصلاة فقيل له كيف تصبر؟ قال بلغنى أن الفساق يتبصرون تحت السياط ليقال: فلان صبور وأنا بين يدى ربى أفلا أصبر على ذباب يقع علىّ. (المستطرف)
6- وها هو البخاري رحمه الله: كان يصلى ذات ليلة فلسعه الزنبور سبع عشر مرة فلما قضى الصلاة قال انظروا إيش أذانى.
7- شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله: كان إذا دخل الصلاة ترتعد أعضاءه حتى يميل يمنه ويسرى.
8- وقال بعضهم: الصلاة من الآخرة فإذا دخلت فيها خرجت من الدنيا.
9-على بن أبى طالب وكيف كان يصلى: كان t إذا حضرت الصلاة يتزلزل ويتلون وجهه فقيل له مالك ؟ فيقول : جاء والله وقتُ أمانة عرضها الله علي السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملْتُها.
10- وكان على بن الحسن بن على بن أبى طالب: إذا حضرت الصلاة ويتوضأ لها يصفر وجهه فسُأِلَ في هذا فقال أتعرفون بين يدي من سأقوم.
11)-عامر بن قيس: قالوا له: أتحدث نفسك في الصلاة؟ فقال: أو شيء أحب إلى من الصلاة أحدث به نفسي! قالوا: إنا لنحدث أنفسنا في الصلاة. قال: أبالجنة والحور ونحو ذلك ؟ قالوا: لا ولكن بأهلينا وأموالنا. فقال: لأن تختلف الأسنَّة في أحب إلى (أى لأن يكثر طعن الرماح في جسدي) أحب إلى من أن أحدث نفسي في الصلاة بأمور الدنيا ). وفي موضع آخر: قالوا له: أما تسهو في صلاتك؟ قال: أو حديث أحبّ إلى من القرآن والصلاة اشتغل به؟ هيهات !! مناجاة الحبيب تستغرق الإحساس. 12- مسلم بن يسار: كان يصلى يوماً في جامع البصرة فسقطت ناحية من المسجد ففزع الناس واجتمعوا لذلك فلم يشعر به حتى انصرف من الصلاة.
هكذا كانت الصلاة تستغرق نفوسهم وتستولي على قلوبهم حتى يغيبوا عما حولهم. فرحم الله اعظماً طالما نصب وانتصــب إذا جــن عليـــها اللــيل وثبـــــــــــــــت هم موتى ولكن تحي بذكرهم النـفوس وهناك أقوامُُ أحياء لكن تقسو برؤيتـهم القلوب
تعهد المكان الذي تصلى فيه: فكثيراً منا إذا أراد النوم أو الأكل أو استقبال الضيوف فإنه يبحث عن المكان المعتدل الحرارة ويبذل الجهد لتبريد المكان في الحر أو تدفئته في البرد. إلا أنه حين تحضر الصلاة لا يبإلي بأي مكان صلي، فإذا صلى في مكان حار يصلى ولسان حاله يقول: خمس دقائق أتحمل فيها الحر. وكأن الصلاة حركات يؤديها الإنسان لتخليص ضميره وهذا يؤدى الصلاة ليرتاح منها لا ليرتاح بها. وانظر كيف نهى النبي r عن الصلاة في شدة الحر لعلمه بذهاب الخشوع وقله استحضار القلب في هذه الحالة. - ففي صحيح الجامع أن النبي r قال : " أبردوا بالظهر ". وحكمة هذه الرخصة كما قال بن القيم كما في الوابل الصيب: "أن الصلاة في شدة الحر تمنع صاحبها من الخشوع والحضور ويفعل العبادة بتكره وتضجر". فمن حكمة الشارع r أن أمرهم بتأخيرها حتى ينكسر الحر فيصلى العبد بقلب حاضر ويحصل له مقصود الصلاة من الخشوع والإقبال على الله عز وجل.
معرفه فضل الخشوع: أ- فالخشوع في الصلاة سبب لمغفرة الذنوب: - فقد أخرج أبو داود بسند صحيح كما في صحيح الجامع أن النبي r قال: " خمسٌ صلوات افترضهن الله تعالى، من أحسنَ وضُوءهَن وصَلاهْن لوقتهن وأتم رُكُوعَهن وخُشُوعهن كان له على الله عهد أن يغفر له، ومن لم يفعل فليس له على الله عهد إن شاء غفر له وإن شاء عذبه ". - وأخرج البخاري بسنده أن النبيr قال: " من توضأ فأحسن الوضوء ثم صلى ركعتين يقُبل عليهما بقلبه ووجهه- وفي رواية - لا يحدث فيهما نفسه - غفر له ما تقدم من ذنبه- وفي رواية- إلا وجبت له الجنة ". - واخرج الإمام مسلم بسنده أن النبي r قال: " ما من أمريء مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم تؤت كبيرة وذلك الدهر كله ". ب- الخشوع يعصمك من الشيطان: فقد قال ابن القيم كما في مدارج السالكين أن سهل قال:"من خشع قلبه لم يقرب منه الشيطان". جـ- كذلك فإن الأوزار والآثام والذنوب تنحط عن العبد إذا صلى بتمام وخشوع: - فقد أخرج البيهقى بسند صحيح: "إن العبد إذا قام يصلى أُتى بذنوبه كلها فوضعت على رأسه وعاتقيه فكلما ركع أو سجد تساقطت عنه". قال المناوي كما في فيض القدير: المراد انه كلما أتم ركناً سقط عنه ركن من الذنوب حتى إذا أتمها تكامل السقوط وهذا في صلاة متوفرة الشروط والأركان، والخشوع. كما يؤذن به لفظ "العبد" و"القيام" إذ هو إشارة إلى أنه قام بين يدي ملك الملوك مقام عبد ذليل.
د- واعملوا أيها الأحبة أن تحصيل الأجر بحسب الخشوع: - فقد أخرج أبو داود بسنده أن النبي r قال: " إن الرجل لينصرف من صلاته ولم يكتب له منها إلا نصفها إلا ثلثها إلا ربعها إلا خمسها إلا سدسها .. حتى قال إلا عشرها ". و- والخشوع يخفف الصلاة على العبد: قال تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الخَاشِعِينَ} ( البقرة 45) والمعنى: أي مشقة الصلاة ثقيلة إلا على الخاشعين. قال ابن القيم – رحمه الله تعالى- كما في الوابل الصيب: ( والعبد إذا قام في الصلاة غار الشيطان منه فإنه قد قام في أعظم مقام وأقربه وأغيظه للشيطان وأشده عليه فهو يحرص ويجتهد كل الإجتهادات أن لا يقيمه فيه بل لا يزال يعده ويمنيه وينسيه ويجلب عليه بخيله ورجله حتى يهون عليه شأن الصلاة فيتهاون فيها فيتركها فإن عجز عن ذلك منه وعصاه العبد وقام في ذلك المقام أقبل عدو الله حتى يخطر بينه وبين نفسه و يحول بينه و بين قلـبه فيذكره في الصلاة ما لم يذكر قبل دخوله فيها، حتى ربما كان نسى الشيء والحاجة وأيس منها فيذكره إياها في الصلاة ليشغل قلبه به ويأخذه عن الله عز وجل فيقوم فيها بلا قلب فلا ينال من إقبال الله تعالى عليه وكرامته وقربه ما يناله المقبل على ربه عز وجل الحاضر القلب في صلاته. فينصرف من صلاته مثل ما دخل فيها بخطاياه وذنوبه وأثقاله لم تخف عنه بالصلاة. فالصلاة إنما تكفر سيئات من أدى حقها وأكمل خشوعها ووقف بين يدى الله تعالى بقلبه فهذا إذا انصرف منها وجد خفه في نفسه وأحس بأثقال وضعت عنه فوجد نشاطا وراحة وروحاً حتى إنه يتمنى إنه لم يخرج منها لأنه قرة عينه ونعيم روحه وجنة قلبه ومستراحه في الدنيا. فلا يزال كأنه في سجن وضيق حتى يدخل فيها فيستريح بها لا منها.
هـ- الخشوع طريق الفلاح في الدنيا والآخرة: قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ} ( المؤمنون 1) فهو فلاح في الدنيا يحُسّه المؤمن ويجد مصداقه في واقع حياته، ووعد من الله بالفلاح والسعادة الأبدية والجنة التي فيها مالا عين رأت ولا خطر على قلب بشر.
فاللهم اجعلنا من الخاشعين
تعظيم الله وشهود نعمه عليك مع الاعتراف بجنايتك وكثرة ذنوبك : يقول ابن القيم كما في كتاب الروح عندما كان يُعرف خشوع الإيمان فقال: " خشوع القلب لله بالتعظيم والإجلال والوقار والمهابة والحياء فينكسر القلب لله كسرة ممتلئة من الوجل والخجل والحب والحياء. وشهود نعم الله عز وجل، وجنايته هو فيخشع القلب لا محالة فيتبعه خشوع الجوارح ".
الدعاء: أن تدعو الله أن يرزقك الخشوع وأن تستعيذ بالله من القلب الذي لا يخشع فقد كان النبي r يتعوذ من القلب الذي لا يخشع . فقد أخرج الإمام مسلم عن زيد بن أرقم t أن النبي r قال: " اللهم إنى أعوذ بك من علم لا ينفع وقلب لا يخشع ومن نفس لا تشبع ومن دعاء لا يستجاب ". ونحن نعوذ بك ربنا من هؤلاء الأربع وبعد أيها الأحبة فعلينا أن نخشع في صلاتنا لكي يطمئن القلب وتسكن الجوارح ويتفكر العقل فنخرج من الصلاة وقد رضي عنا ربنا وغفر لنا ذنوبنا. فإذا كنت ممن كان ينقر الصلاة ويسرق منها فلا يتم ركوعها ولا سجودها ولا يتفكر فيما يقوله فأحمد الله أن قيض الله من يقول لك أرجع فصلى فإنك لم تصل. لأنه بعد الموت ليس هناك مستعتب ولا بعد الدنيا من دار إلا الجنة أو النار. (( فاللهم إنا نسألك رضاك والجنة ونعوذ بك من سخطك والنار واجعلنا اللهم من الخاشعين الأبرار))ثالثاً: الأمور التي تفعل أثناء الصلاة:
فلابد من التفكر والتدبر وحضور القلب في كل هيئة وركن من أعمال الصلاة:
الأذان (وهو من التهيؤ والاستعداد للصلاة) إذا سمعت النداء بالأذان فلتستحضر في قلبك هول النداء يوم القيامة: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إلى شَيْءٍ نُّكُرٍ(6)خُشَّعاً أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ} فان المسارعين إلى هذا النداء هم الذين كانوا يسارعون إلى النداء في الدنيا. وتذكر وصف الله عز وجل للمنافقين حيث قال تعالى: {وَإِذَا قَامُوا إلى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَإلى} ( النساء:142) وهذا على عكس صفات المؤمنين فهم يقومون بفرح ونشاط وإقبال على الله عز وجل.
الطهارة (وهى من التهيؤ والاستعداد للصلاة) واستحضر وأنت تغسل أعضاء الوضوء أن هذه الأعضاء كم فعلت من ذنوب وأن هذه الخطايا والذنوب تخرج مع ماء الوضوء. - فقد أخرج الإمام مسلم من حديث عمرو ببن عبس الأسلمى قال - في حديث طويل له - وفيه فقلت: " يا نبي الله فالوضوء حدثني عنه؟ فقال: ما منكم رجل يُقرب وضوءه فيتمضمض ويستنشق فينثر إلا خرَّت خطايا وجهه وفيه وخياشيمه، ثم إذا غسل وجهه كما أمره الله إلا خرَّت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء، ثم يغسل يديه إلى المرفقين إلا خرَّت خطايا يديه من أنامله مع الماء، ثم يمسح رأسه من أطراف شعره مع الماء ثم يغسل قدميه إلى الكعبين إلا خرَّت خطايا رجليه من أنامله مع الماء فإن هو قام فصلى فحمد الله تعالى وأثنى عليه ومجده بالذي هو له أهل وفرغ قلبه لله تعالى إلا انصرف من خطيئته كهيئته يوم ولدته أمه". لكن هذا الآمر يحتاج إلى نية وهو أن يعاهد الله عز وجل أنه كما يغسل هذه الأعضاء ظاهرياً بالماء فإنه يغسلها باطنياً بالتوبة النصوح. فيقول يا رب هذا الفم تكلم بالغيبة والنميمة والكذب والبهتان فأنا كما أغسله ظاهرياً بالماء سأغسله باطنياً بالتوبة النصوح فلا أتكلم بعد الآن بما يغضب الرحمن ساعتها تخرج الذنوب من فمه. 1- وهذه العين نظرت إلى الحرام فكما اغسلها الآن بالماء أعاهدك يا رب أن أغسل باطنها بالتوبة فلا أنظر بها بعد الآن إلى الحرام ساعتها تخرج الذنوب من أشفار عينيه. 2- ويقول يا رب هذه اليد بطشت وسرقت وارتشت فكما أغسلها الآن ظاهرياً بالماء أغسلها باطنياً بالتوبة فلا أمدها إلا فيما يرضيك ساعتها تخرج الذنوب من أنامل يديه. 3- ويقول يا رب هذه القدم سعيت بها إلى الحرام فكما أغسلها الآن ظاهرياً بالماء سأغسلها باطنياً بالتوبة فلا أسعى بها إلا فيما يرضيك عنى ساعتها تخرج الذنوب من أنامل رجليه مع الماء.
صفة الوضوء: وسارع إلى الوضوء امتثالاً لقول تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى المَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الكَعْبَيْن}واستحضر فضل الوضوء الذي قال فيه النبي r كما عند ابن خزيمة وأحمد:
" من توضأ فأحسن الوضوء وصلى غفر له ما بينه وبين الصلاة الأخرى". وإحسانه يكون بالوضوء كما كان يتوضأ رسول الله r وهذا ما وضحه لنا عثمان بن عفان t حيث ثبت عند مسلم وابن خزيمة واللفظ له: " أنه دعا يوماً بوضوء فتوضأ فغسل كفيه ثلاث مرات واستنثر ثم غسل وجهة ثلاث مرات، ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاث مرات ثم يده اليسرى مثل ذلك ثم مسح برأسه، ثم غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثلاث مرات ثم غسل رجله اليسرى مثل ذلك ثم قال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) توضأ نحو وضوئى هذا ثم قال رسول الله r : من توضأ نحو وضوئي هذا ثم قام فركع ركعتين لا يُحَدِّث فيهما نفسهُ غفر له ما تقدم من ذنبه ".
فمن هذا الحديث وغيره يمكن أن نلخص صفة الوضوء فيما يأتى: 1- ينوى الوضوء لرفع الحدث (والنية محلها القلب والتلفظ بها بدعه). 2- يذكر اسم الله تعالى. 3- يغسل كفيه ثلاث مرات. 4- يأخذ الماء بيمينه فيجعله في فمه وأنفه – غرفة واحدة – فيتمضمض ويستنشق. 5- ثم يستنثر بشماله يفعل هذا ثلاث مرات. 6- يغسل وجه كله ثلاث مرات مع تخليل لحيته. 7- يغسل يديه اليمنى ثم اليسرى – إلى ما فوق المرفقين مع تخليل أصابع اليدين. 8- يمسح رأسه كله مدبراً ومقبلاً مره واحده. 9- يمسح أذني ظاهرهما وباطنهما. 10- يغسل قدميه مع الكعبين اليمنى ثم اليسرى – مع تخليل أصابع القدمين.
ستر العورة: فكما سترت بدنك وسترت عورتك فتذكر كم ستر الله عليك من قبائح فعلك فلم يفضحك أمام أعين الناس فيأخذك الحياء منه واحرصوا أيها الأحبة أن تلبسوا أفضل ما عندكم فإنكم ستقفون بين يدى مل | |
|