انطلاق بحث جديد على حياه : وقال الشيطان ، الفصل الاول البدايه .. زمتجدد باستمرار
5 مشترك
كاتب الموضوع
رسالة
مازلت اصحح اسلامى ادارى متميز
عدد الرسائل : 2831 العمر : 42 العمل/الترفيه : مدرسة رياضيات المزاج : فوق العاده رساله : do3a2 : عرفت المنتدى ازاى؟ : لا اله الا الله : المزاج : نقاط : 3984 السٌّمعَة : 20 تاريخ التسجيل : 02/11/2008
موضوع: انطلاق بحث جديد على حياه : وقال الشيطان ، الفصل الاول البدايه .. زمتجدد باستمرار الجمعة أكتوبر 09, 2009 6:42 am
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله اهلا بيكم اعضاء منتدى حياه
ان شاء الله عايزين نبدأ سوا
تحدى كبير ومعركه كبيره مش ممكن ننتصر عليها الا لما نعرف عدونا
فلا يستطيع اي انسان ان يحارب عدوه حتى يعرف من يحارب وما هي نقاط الضعف فيه وما هي خططه وانواع اسلحته وكميتها وجنوده وعددهم
حينها سيكون النصر سهلا
معا يد بيد يااعضاء حياه ننطلق
لنبدأ بحثنا عن هذا العدو
ليكون النصر سهلا ويكون النصر لنا ان شاء الله
عشان يكون فى توضيح اكتر هنعمل ايه
هقولكم اهو
اول شئ ان شاء الله البحث هيكون على فصول كل اسبوع فصل
وان شاء الله نبدأ بتحديد عناصر كل فصل
كل واحد فينا يقدر ينزل اى حاجه تعجبه بس ياريت تكون جذابه ومفيده ولايكون هناك تكرار الا فى حله ان الاسلوب والعرض مختلف
ممكن نستعين بالصور او الفديوهات
تانى حاجه
ياريت نراعى تسلسل الموضوع وان شاء الله يكون كل يوم نقطه ومنتنقلش للنقطه الى بعدها الا اذا مر اليوم
ياريت الاقى مشاركات من الجميع وعايزين ابداع
اصل الى بالى بالك مش اى حد يعنى
ملحوظه مهمه جدا جدا :
ياريت اى حد ينزل اى حاجه يكتب مصدرها ونستعين طبعا بالايات والسور والاحاديث لكن لابد من التوثيق منتظره مشاركتم
ملحوظه
الموضوع سيكون متسلسل تابع البحث من خلا ل الردود
وعشان كده نبتدى
الحكايه من البدايه
الفصل الاول
البدايه
1- بداية خلق أدم 2- الامر بالسجود 3- عصيان الشيطان للامر 4- الطرد لابليس 5- طلب الانظار 6- خطة ابليس لادم 7- اسكان آدم وزوجه الجنة 8- اغواء ابليس لادم وحواء ونزولهم الى الارض
ياله نبدأ ياجماعه قبل ما نبدأ منتظره آرائكم لو تحبوا نزود عناصر للبحث لو اى تعليق قبل البدايه والانطلاق
[/size]
[/size]
عدل سابقا من قبل nogamath في الجمعة أكتوبر 09, 2009 11:16 pm عدل 3 مرات
sandro رئيس مجلس الاداره
عدد الرسائل : 6069 العمر : 34 الموقع : علي شاطئ عروس البحر الابيض المتوسط العمل/الترفيه : مع الارقام والقيود والحسابات المزاج : غير مستقر رساله : الاوسمه : do3a2 : عرفت المنتدى ازاى؟ : لا اله الا الله : المزاج : احترامك لقوانين المنتدى : نقاط : 7414 السٌّمعَة : 18 تاريخ التسجيل : 30/11/2008
موضوع: رد: انطلاق بحث جديد على حياه : وقال الشيطان ، الفصل الاول البدايه .. زمتجدد باستمرار الجمعة أكتوبر 09, 2009 7:04 am
lorna رئيس مجلس الاداره
عدد الرسائل : 4976 العمر : 43 الموقع : حياه العمل/الترفيه : موظفه المزاج : مشغووووله رساله : الاوسمه : do3a2 : عرفت المنتدى ازاى؟ : لا اله الا الله : المزاج : احترامك لقوانين المنتدى : نقاط : 6410 السٌّمعَة : 21 تاريخ التسجيل : 30/05/2009
موضوع: رد: انطلاق بحث جديد على حياه : وقال الشيطان ، الفصل الاول البدايه .. زمتجدد باستمرار الجمعة أكتوبر 09, 2009 7:43 am
ان شاء الله نكون معاكى وربنا يوفقك يا نوجا وجزاكى الله كل خير
No LoVe المدير العام
عدد الرسائل : 9021 العمر : 39 الموقع : cairo العمل/الترفيه : المحاماه المزاج : الحمد لله ربنا يثبتنا رساله : الاوسمه : do3a2 : عرفت المنتدى ازاى؟ : لا اله الا الله : المزاج : احترامك لقوانين المنتدى : نقاط : 12707 السٌّمعَة : 77 تاريخ التسجيل : 23/09/2007
موضوع: رد: انطلاق بحث جديد على حياه : وقال الشيطان ، الفصل الاول البدايه .. زمتجدد باستمرار الجمعة أكتوبر 09, 2009 9:40 am
جميل جدا جدا معاكو ان شاء الله
ذكريات ادارى متميز
عدد الرسائل : 2034 العمر : 33 الموقع : www.7aya.yoo7.com العمل/الترفيه : شركه المقاولون العرب المزاج : الحمد لله رساله : سأعيش ... بك او بدونك لن يقف طريقى الاوسمه : do3a2 : عرفت المنتدى ازاى؟ : لا اله الا الله : المزاج : احترامك لقوانين المنتدى : نقاط : 3046 السٌّمعَة : 4 تاريخ التسجيل : 11/09/2009
موضوع: رد: انطلاق بحث جديد على حياه : وقال الشيطان ، الفصل الاول البدايه .. زمتجدد باستمرار الجمعة أكتوبر 09, 2009 10:03 am
مازلت اصحح اسلامى ادارى متميز
عدد الرسائل : 2831 العمر : 42 العمل/الترفيه : مدرسة رياضيات المزاج : فوق العاده رساله : do3a2 : عرفت المنتدى ازاى؟ : لا اله الا الله : المزاج : نقاط : 3984 السٌّمعَة : 20 تاريخ التسجيل : 02/11/2008
موضوع: رد: انطلاق بحث جديد على حياه : وقال الشيطان ، الفصل الاول البدايه .. زمتجدد باستمرار الجمعة أكتوبر 09, 2009 10:14 pm
[center] هنبدأ اليوم ان شاء الله فى اول نقطه ممكن تشارك معانا حتى الساعه 12 منتصف الليل
منتظره مشاركتكم ومتنسوش الى بالى بالك الفصل الاول
البدايه
خلق آدم عليه السلام
عملية الخلق التي مر بها آدم عليه السلام تشير إلى مظهر من مظاهر قدرة الله تعالى، لكننا في نفس الوقت نتعلم منها درسا مهما جدا لتحقيق عبوديتنا الحقة لله وهو الخضوع والخشوع والتواضع بين يدي الله.
كيف خُلق آدم؟ تقرأ في بعض آيات القرآن أن آدم خلق من تراب، قال تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ}
وتقرأ أنه خُلِق من صلصال، قال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ}، وفي غيرها أنه خلق من طين، قال تعالى: {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ}.
وتجد آية تقول بأنه خُلِق من طين لازب، قال تعالى: {فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَم مَّنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لَّازِبٍ}. وفي غيرها أنه خلق من صلصال من حمأ مسنون، أو أنه خُلِق من فخار، فاقرأ معي قوله تعالى: {ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من فخار}..
فمن أي شيء خلق آدم؟
وبداية نقول إن آدم خلق من كل ما سبق، فهذه كلها مراحل خلق آدم.. فآدم لم يخلق بـ {كُن فيكون}؛ لكنه خُلق بمراحل متعددة؛ كل مرحلة تؤدي إلى التي تليها حتى اكتمل خلق آدم.
لقد مر خلق آدم بست مراحل، أراد الله في كل مرحلة أن يرسل إلينا رسالة ومعنى.
مراحل خلق آدم
المرحلة الأولى:
خلقُه من تراب، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث رواه الترمذي: "إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من تراب الأرض".. وفي رواية أخرى "من جميع تراب الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض"..
لقد اختلف بنو آدم ولم يأتوا متشابهين لاختلاف التربة التي جاءوا منها، فصفاتهم مختلفة باختلاف الأرض التي دخلت في تكوينهم، منهم الأحمر والأبيض والأسود، وجاء منهم السهل والصعب والخبيث والطيب، فهناك أرض خصبة طيبة، وهناك أرض خبيثة، وهناك أرض صعبة غليظة، وهناك أرض سهلة بسيطة؛ وكذلك الناس.. فاقرأ الحديث مرة أخرى: "إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من تراب الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض فجاء منهم الأحمر والأبيض والأسود وجاء منهم السهل والحَزْن –أي الغليظ-والخبيث والطيب"..
لقد صنع الله سبحانه من التراب بشرا يفكر ويتكلم ويركب سفن فضاء ويصعد للسماء، سبحان الله خلق من التراب بشرا يتحرك في الأرض، والمعنى الذي أريد أن أذكرك به هو أنك من تراب ضعيف فكيف تعصي الله؟ كيف تقول لربنا لا لن أفعل؟ كيف استطعت أن تزني وتشرب الخمر وأنت قبضة من تراب الأرض؟ وكيف لا تصلي؟ كيف تقدم مصلحة التراب –كما تظنها- على أحب عمل إلى الله وهو الصلاة؟ يقول الله تبارك وتعالى: {قُتِلَ الإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ، مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ، مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ، ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ، ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ، ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ}.الحقيقة أنك لابد أن تتعلم التواضع والخضوع، انظر لبدء خلقك وستعرف أن أهم درس نفهمه هو الخضوع والتواضع لله.. فاقرأ هذا الحديث، يقول النبي صلى الله عليه وسلم للسيدة عائشة: "يا عائشة لو شئت لسارت معي جبال الذهب. قالت كيف يا رسول الله؟ قال: جاءني ملك من السماء يقول: يا رسول الله إن الله يقرئك السلام ويخيرك بين أن تكون ملكا نبيا أو عبدا نبيا، يقول النبي: فنظرت إلى جبريل فأشار إليّ أن ضع نفسك يا محمد فاخترت أن أكون عبدا نبيا".. وانظر إلى الحديث القدسي: "من تواضع لي هكذا -وجعل النبي يخفض بطن يده إلى الأرض، رفعته هكذا -وجعل النبي يرفع بطن يده إلى السماء"، ولذلك سمي آدم بـ"آدم" لأنه من أديم الأرض -أي من تراب الأرض- لكي يرتبط دائما اسم أبو البشر جميعهم بالتراب، فنحن بنو آدم، وآدم من تراب..
المرحلة الثانية:
التراب بُلِل بالماء فأصبح طينا، وهذا هو معنى قول الله سبحانه وتعالى: {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِن طِينٍ}.. يقصد المرحلة الثانية من خلق آدم، وهناك معنى جميل، حول اختيار الله للعنصرين "التراب والماء" ليخلق منهما الإنسان، ثم علمنا أن التراب والماء وظيفتهما الأساسية هي التنقية والطهارة؛ فلا طهارة بغير ماء، وفي حالة عدم وجود الماء نتيمم، والأرض كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: {جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا}، فالأصل في الأرض أنها طاهرة، فكأن الله أراد أن يقول لك أيها الإنسان إن معدنك طاهر نظيف، وإنك خلقت من أكثر الأشياء طهارة ونقاء..
المرحلة الثالثة:
بدأ الطين يتلاصق مع بعضه ويتجمع إلى أن أصبح متماسكا سميكا، يقول الله تبارك وتعالى: {إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ} أي طين متماسك ومتلاصق ويسهل تشكيله، وكأن المعنى أن في تركيبتك قوة وتماسكا، لا تشتت نفسك؛ فمعنى التماسُك عدم التشتيت، فإذا ابتعدت أيها الإنسان عن الله فأنت متفرق ومشتت فلابد أن تتعب، ولهذا تجد كل من بَعُد عن ربه في تعب ومشقة من كثرة تشتته وقد ابتعد عن مصدر توحده.
المرحلة الرابعة:
تشكيل الله بيديه الكريمتين للإنسان، فربنا شكل آدم كالصلصال طبقا لقول الله تعالى: {قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ}.. فيا من خلقك الله بيديه الكريمتين، أتتواضع أم لا؟
النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "ثلاث خلقهن الله بيديه ولم يخلق شيئا بيديه إلا الثلاثة؛ آدم، وجنة عدن، والألواح التي كتبها الله سبحانه وتعالى لموسى"، وكل المخلوقات الأخرى خلقها الله بقوله: {كُن فيكون}.
المرحلة الخامسة:
ترك الصلصال حتى يجف؛ فتغير لونه فصار كالحمأ المسنون -وهو الصلصال الذي يميل بعد تغير لونه للسمرة- وفي هذا يقول الله تبارك وتعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ}، ولو أردنا أن نخرج بمعنى من هذه المرحلة الخامسة فهي أنك مخلوق ضعيف.
المرحلة السادسة:
وهي مرحلة ما بعد أن جف الصلصال فجوّف -أي أصبح فيه تجويف من الداخل- فصار كالفخار المجوف، ليبدو تمثالا من صلصال، ولو طرقت على هذا التمثال فإنه يصنع صوتا.
يقول الله تبارك وتعالى: {خَلَقَ الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ}؛ فأصبح إبليس يطوف بهذا الجسد ويُقلِبه وكلما قلبه أصدر صوتا، وعلى هذا فليس هناك تعارض بين الآيات وبعضها، فالتراب تحول إلى "طين مبلل" ثم إلى "طين لازب" متماسك مجمع، وتشكّل بيد الله الكريمتين فأصبح صلصالا في شكل إنسان، وترك حتى جف فأصبح صلصالا من حمأ مسنون، ثم صنع فيه تجويفا فأصبح كالفخار... فكأننا نراه الآن تمثالا ضخما عملاقا لا حراك فيه، تمثالا خاليا من الروح.. ثم تُرك هكذا مدة من الزمن حوالي أربعين يوما، وهي المرحلة التي سبقت دخول الروح.
وهذه المدة التي ترك الله فيها آدم بدون روح -كالتمثال- هي المقصودة بقول الله تعالى: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً}.. فإذا تساءلنا لماذا تعددت مراحل خلق الإنسان ولم يخلق بـ {كُن فيكون}، فأول ما يطالعنا من إجابة: كي تعرف ضعفك وقدرة ربك ومدى احتياجك إليه، ولنتعرف على مظهر من المعجزة التي جعلت التراب يتحرك..
لقد طاف إبليس حول آدم ليعرف نقطة ضعفه، وقد عرف أن هذا الكائن الجديد لا يستطيع أن يملك نفسه عند الشهوة، ولهذا فإن نقطة الضعف ليس لها إلا حل واحد كما يقول الله تبارك وتعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ...}؛ فالحل هو اللجوء إلى الله والاستعانة به ولا شيء غيره..
فاللهم ارحم ضعفنا.. وعلمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا إنك أنت العليم الخبير.
ولنا تكمله باذن الله
الفصل الاول البدايه خلق آدم
المصدر : موقع نصرة رسول الله
[/center]
مازلت اصحح اسلامى ادارى متميز
عدد الرسائل : 2831 العمر : 42 العمل/الترفيه : مدرسة رياضيات المزاج : فوق العاده رساله : do3a2 : عرفت المنتدى ازاى؟ : لا اله الا الله : المزاج : نقاط : 3984 السٌّمعَة : 20 تاريخ التسجيل : 02/11/2008
موضوع: رد: انطلاق بحث جديد على حياه : وقال الشيطان ، الفصل الاول البدايه .. زمتجدد باستمرار الجمعة أكتوبر 09, 2009 10:25 pm
نتابع والآن سيحدث شيء عظيم جدا -وأتمنى أن تستحضر قلبك معي- وهو أن الله سينفخ فيه من روحه، يقول الله تبارك وتعالى: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ}.. بمعنى أن الله شكل آدم بيديه من تراب وماء، وهما عنصران غاية في النظافة، ليس هذا فقط بل إن الله نفخ فيك من روحه، وبهذا فالآية السابقة فيها تكريم للإنسان، فالله سوّى -أي جمّل شكله، ثم نفخ فيه من روحه، ثم أمر الملائكة أن يسجدوا له.. فهيا بنا نتعرف على قدر هذا المخلوق العظيم عند ربه وخالقه، من خلال بعض الأحاديث القدسية، يقول الحق تبارك وتعالى في حديث قدسي: "إني والإنس والجن في نبأ عظيم، أخلق ويُعبد غيري، أرزق ويُشكر سواي، خيري إلى العباد نازل، وشرّهم إليّ صاعد، أتودد إليهم بالنعم وأنا الغني عنهم، ويتبغّضون إليّ بالمعاصي وهم أفقر ما يكونون إليّ، أهل ذكري أهل مجالستي، من أراد أن يُجالسني فليذكرني، أهل طاعتي أهل محبتي، أهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي، إن تابوا إليّ فأنا حبيبهم، وإن أبَوا فأنا طبيبهم، أبتليهم بالمصائب لأطهّرهم من المعايب، من أتاني منهم تائباً تلقّيته من بعيد، ومن أعرض عني ناديته من قريب، أقول له: أين تذهب؟ ألك رب سواي.. الحسنة عندي بعشر أمثالها وأزْيد، والسيئة عندي بمثلها وأعفو، وعزتي وجلالي لو استغفروني منها لغفرتها لهم).
ويقول لداود عليه السلام:
"يا داود لو يعلم المدْبرون عني شوقي لعودتهم، ومحبتي لتوبتهم، ورغبتي في إنابتهم لجاءوا شوقا إليّ.. يا داود هذه رغبتي بالمدبرين عني فكيف محبتي للمقبلين عليّ".
وسبحان الله الكريم العظيم الذي يقول في حديثه القدسي:"عبدي؛ أخرجتك من العدم إلى الوجود، وأنشأت لك السمع والبصر والعقل والقلب ولا تخشاني، أذكرك وأنت تنساني، عبدي أستحي منك وأنت لا تستحي مني، فمن أعظم مني جودا، من ذا الذي يقرع بابي فلم أفتح له، ومن ذا الذي سألني فلم أعطِه، أبخيل أنا فيبخل عبدي عليّ"
ويقول الله تبارك وتعالى في حديث قدسي آخر: "يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم، يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنّكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا، يا عبادي لو أن أولكم وآخِركم وإنسكم وجنّكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا، يا عبادي لو أن أوّلكم وآخركم وإنسكم وجنّكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل واحد منهم مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخِل البحر، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه"..
عن الروح والجسد
المخلوق العاقل الوحيد الذي خُلق من مادتين هو الإنسان فالملائكة خلقوا من مادة واحدة وهي النور ولذلك خلقوا من أجل أن يسيروا في اتجاه واحد، لكن الإنسان خلق من مادتين حتى يكون هناك تنازع، والمادتان هما: غلاف خارجي اسمه الجسد، وداخل الجسد يوجد تجويف حتى تدخل فيه الروح، والروح خلقت من ملكوت السماء وعلمها عند ربي، والغلاف الخارجي مخلوق من تراب الأرض؛ فأصبح بداخلك جزء من السماء وجزء من الأرض، جزء يشدك إلى السماء وجزء آخر يشدك إلى أسفل اسمه الجسد، ولكل منهما غذاؤه الذي يستمد منه الحياة، فكما أن الذكر والطاعة هما غذاء الروح وهو "الجزء الباقي"؛ فإن الطعام والشراب والشهوات غذاء الجسد وهو "الجزء المفقود"..
ولقد حدثنا الله عن أناس يعيشون لأجسادهم فقط في سورة كاملة هي سورة التكاثر، والتكاثر هو غذاء في الأجساد والنهي في السورة ليس عن التكاثر، ولكن النهي جاء للإلهاء الذي يحدثه التكاثر، فانظر معي إلى تلك السورة: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ، حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ، كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ، ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ، كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ، لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ، ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ ، ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ}
ولهذا فإن علينا أن نوازن بين الروح والجسد، وإن كان الأولى أن تفضل الروح لكي يشبع الجسد بالتبعية.. فالذي يطالبنا به الله هو التوازن بينهما..
اليوم الذي خلق فيه آدم
نعود الآن إلى عملية خلق آدم ونقول إنه بمجرد أن نفخ فيه الله من روحه عطس آدم فقالت الملائكة: قل: الحمد لله، فقال: الحمد لله، فقال الله تبارك وتعالى: رحمك ربك؛ فكانت أول ما سمعه آدم من الله عز وجل هي كلمة الرحمة.. فأول كلمة بدأ بها الكون كلمة: "رحمك ربك"، وقد جاء هذا في حديث رواه الترمذي؛ ومن هنا كانت مسألة تشميت العاطس سُنة بدأ بها الكون..
وعن اليوم الذي نفخ الله في جسد آدم من روحه فهناك أحاديث صحيحة تذكره، أولها حديث النبي صلى الله عليه وسلم إذ يقول: "خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة؛ فيه خلق آدم وفيه أُدخِل الجنة وفيه هبط إلى الأرض وفيها تيب عليه، وفيه مات، وفيه تقوم الساعة".. حديث رواه مسلم وأبو داود، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "خلق آدم بعد العصر من يوم الجمع
ة في آخر الخلق"؛ أي أن آدم هو آخِر المخلوقات، وخُلِق بعد عصر يوم الجمعة في آخر ساعة من ساعات الجمعة فيما بين العصر والليل.
ونستفيد من هذا معرفة قيمة يوم الجمعة الذي أمرنا فيه النبي صلى الله عليه وسلم أن نبدأه بالاغتسال، ووجهنا إلى التطيب واستعمال السواك والملابس النظيفة والتبكير إلى الصلاة، وقراءة سورة الكهف.
وعن يوم الجمعة أيضا يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن في يوم الجمعة ساعة لا يصادفها عبد مسلم يسأل الله عز وجل حاجة إلا أعطاه الله إياها"، ودعاء هذه الساعة يوم الجمعة مستجاب يقينا، والعلماء أغلبهم قالوا إنها الساعة الأخيرة قبل المغرب، وقالوا إنها الساعة التي خُلِق فيها آدم؛ وأن من تكريم الله لنا وتذكيرنا بقيمة هذه الساعة جعل فيها الدعاء مستجابا..
بقي أن نشير إلى أن الله تبارك وتعالى مسح على ظهر آدم فأخرج من ظهره كل ذريته إلى يوم القيامة، وفي هذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لما خلق الله آدم مسح ظهره فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة"؛ والعلم الحديث أثبت أن ماء الرجل يأتي من عظام الظهر، وهو ما جاء في القرآن إذ يقول تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ}.. والمعنى أن هذه الوقفة والشهادة التي شهدناها هي التي كونت الفطرة السليمة بداخلنا والتي تدلنا على توحيد الله، وبها تعرف قلوبنا أن الله هو الخالق الواحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد.
المصدر: موقع نصرة رسول الله
مازلت اصحح اسلامى ادارى متميز
عدد الرسائل : 2831 العمر : 42 العمل/الترفيه : مدرسة رياضيات المزاج : فوق العاده رساله : do3a2 : عرفت المنتدى ازاى؟ : لا اله الا الله : المزاج : نقاط : 3984 السٌّمعَة : 20 تاريخ التسجيل : 02/11/2008
موضوع: رد: انطلاق بحث جديد على حياه : وقال الشيطان ، الفصل الاول البدايه .. زمتجدد باستمرار الأحد أكتوبر 11, 2009 2:55 pm
نبيل العوضى بداية خلق آدم
مازلت اصحح اسلامى ادارى متميز
عدد الرسائل : 2831 العمر : 42 العمل/الترفيه : مدرسة رياضيات المزاج : فوق العاده رساله : do3a2 : عرفت المنتدى ازاى؟ : لا اله الا الله : المزاج : نقاط : 3984 السٌّمعَة : 20 تاريخ التسجيل : 02/11/2008
موضوع: رد: انطلاق بحث جديد على حياه : وقال الشيطان ، الفصل الاول البدايه .. زمتجدد باستمرار الأحد أكتوبر 11, 2009 3:08 pm
قال الله تعالى:
{ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ * وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * قَالَ يَاآدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ * وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ * وَقُلْنَا يَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ * فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ * فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [البقرة: 30-39] . وقال تعالى: { إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } [آل عمران: 59] . وقال تعالى: { يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } [النساء: 1] . كما قال: { يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } [الحجرات: 13] . وقال تعالى: { هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا... } الآية [الأعراف: 189] . وقال تعالى: { وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ * قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ * قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ * قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ * وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ * فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ * وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ * فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ * قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ * قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ } [الأعراف: 11-25] . كما قال في الآية الأخرى: { مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى } [طه: 55] . وقال تعالى: { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ * وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ * قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ * فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ * قَالَ يَاإِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ * قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ * قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ * وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ * قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ * قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ * قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ * إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ * لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ } [الحجر: 26-44] . وقال تعالى: { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ آسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا * قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا * قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا * وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَولَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا * إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا } [الإسراء: 61-65] . وقال تعالى: { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا } [الكهف: 50] . وقال تعالى: { وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا * وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى * فَقُلْنَا يَاآدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى * إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى * وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى * فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَاآدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى * ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى * قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى } [طه: 115-126] . وقال تعالى: { قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ * أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ * مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ * إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ * إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ * فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ * قَالَ يَاإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ * قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ * قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ * وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ * قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ * قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ * قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ * لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ * قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ * إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ * وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ } [ص: 67-88] . فهذا ذكر هذه القصة من مواضع متفرقة من القرآن. وقد تكلمنا على ذلك كله في التفسير، ولنذكر هاهنا مضمون ما دلت عليه هذه الآيات الكريمات، وما يتعلق بها من الأحاديث الواردة في ذلك عن رسول الله ، والله المستعان. فأخبر تعالى أنه خاطب الملائكة قائلًا لهم: { إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً } [البقرة: 30] أعلم بما يريد أن يخلق من آدم وذريته الذين يخلف بعضهم بعضًا، كما قال: { وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ } [الأنعام: 165] فأخبرهم بذلك على سبيل التنويه بخلق آدم وذريته، كما يخبر بالأمر العظيم قبل كونه. فقالت الملائكة سائلين على وجه الاستكشاف والاستعلام عن وجه الحكمة، لا على وجه الاعتراض والتنقص لبني آدم، والحسد لهم كما قد يتوهمه بعض جهلة المفسرين. { قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ } [البقرة: 30] . قيل: علموا أن ذلك كائن بما رأوا، ممن كان قبل آدم من الجن والبن، قاله قتادة. وقال عبد الله بن عمر: كانت الجن قبل آدم بألفي عام، فسفكوا الدماء، فبعث الله إليهم جندًا من الملائكة فطردوهم إلى جزائر البحور. وعن ابن عباس نحوه. وعن الحسن ألهموا ذلك. وقيل: لما اطلعوا عليه من اللوح المحفوظ، فقيل: أطلعهم عليه هاروت وماروت عن ملك فوقهما يقال له الشجل. رواه ابن أبي حاتم عن أبي جعفر الباقر. وقيل: لأنهم علموا أن الأرض لا يخلق منها إلا من يكون بهذه المثابة غالبًا { وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ } [البقرة: جزء من الآية 30] أي: نعبدك دائمًا لا يعصيك منا أحد. فإن كان المراد بخلق هؤلاء أن يعبدون، فها نحن لا نفتر ليلًا ولا نهارًا، قال: { قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ } [البقرة: 30] أي: أعلم من المصلحة الراجحة في خلق هؤلاء ما لا تعلمون، أي سيوجد منهم الأنبياء، والمرسلون، والصديقون، والشهداء. ثم بين لهم شرف آدم عليهم في العلم، فقال: { وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا } [البقرة: 31] . قال ابن عباس: هي هذه الأسماء التي يتعارف بها الناس، إنسان، ودابة، وأرض، وسهل، وبحر، وجبل، وجمل، وحمار، وأشباه ذلك من الأمم وغيرها. وفي رواية: علمه اسم الصحفة، والقدر، حتى الفسوة، والفسية. وقال مجاهد: علمه اسم كل دابة، وكل طير، وكل شيء. وكذا قال سعيد بن جبير، وقتادة، وغير واحد. وقال الربيع: علمه أسماء الملائكة. وقال عبد الرحمن بن زيد: علمه أسماء ذريته، والصحيح أنه علمه أسماء الذوات، وأفعالها، مكبرها ومصغرها، كما أشار إليه ابن عباس رضي الله عنهما. وذكر البخاري هنا ما رواه هو، ومسلم، من طريق سعيد، وهشام عن قتادة، عن أنس بن مالك، عن رسول الله قال: « يجتمع المؤمنون يوم القيامة، فيقولون: لو استشفعنا إلى ربنا، فيأتون آدم فيقولون: أنت أبو البشر، خلقك الله بيده، وأسجد لك ملائكته وعلمك أسماء كل شيء » وذكر تمام الحديث. { ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } [البقرة: 31] . قال الحسن البصري: لما أراد الله خلق آدم قالت الملائكة: لا يخلق ربنا خلقًا إلا كنا أعلم منه فابتلوا بهذا، وذلك قوله { إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ }. وقيل غير ذلك كما بسطناه في التفسير. { قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ } [البقرة: 32] أي: سبحانك أن يحيط أحد بشيء من علمك من غير تعليمك، كما قال { وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ } [البقرة: 255] . { قَالَ يَاآدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ } [البقرة: 33] أي: أعلم السر كما أعلم العلانية. وقيل: إن المراد بقوله: { وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ } ما قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها. وبقوله: { وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ } المراد بهذا الكلام: إبليس حين أسر الكبر والتخيرة على آدم عليه السلام. قاله سعيد بن جبير، ومجاهد، والسدي، والضحاك، والثوري، واختاره ابن جرير. وقال أبو العالية، والربيع، والحسن، وقتادة: { وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ } قولهم لن يخلق ربنا خلقًا إلا كنا أعلم منه، وأكرم عليه منه. قوله { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ } [البقرة: 34] هذا إكرام عظيم من الله تعالى لآدم حين خلقه بيده، ونفخ فيه من روحه، كما قال: { فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ } [الحجر: 29] ، فهذه أربع تشريفات: خلقه له بيده الكريمة. ونفخه فيه من روحه. وأمره الملائكة بالسجود له. وتعليمه أسماء الأشياء. ولهذا قال له موسى الكليم حين اجتمع هو وإياه في الملأ الأعلى، وتناظرا كما سيأتي: أنت آدم أبو البشر الذي خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته، وعلمك أسماء كل شيء. وهكذا يقول أهل المحشر يوم القيامة كما تقدم، وكما سيأتي إن شاء الله تعالى. وقال في الآية الأخرى: { وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ } [الأعراف: 11-12] . قال الحسن البصري: قاس إبليس، وهو أول من قاس. وقال محمد بن سيرين: أول من قاس إبليس، وما عبدت الشمس ولا القمر إلا بالمقاييس، رواهما ابن جريج. ومعنى هذا أنه نظر نفسه بطريق المقايسة بينه وبين آدم، فرأى نفسه أشرف من آدم، فامتنع من السجود له. مع وجود الأمر له ولسائر الملائكة بالسجود. والقياس إذا كان مقابلًا بالنص كان فاسد الاعتبار، ثم هو فاسد في نفسه، فإن الطين أنفع وخير من النار. فإن الطين فيه: الرزانة، والحلم، والأناة، والنمو. والنار فيها: الطيش، والخفة، والسرعة، والإحراق. ثم آدم شرفه الله بخلقه له بيده، ونفخه فيه من روحه، ولهذا أمر الملائكة بالسجود له. كما قال: { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ * وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ * قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ * فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ * قَالَ يَاإِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ * قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ * قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ * وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ } [الحجر: 28-35] . استحق هذا من الله تعالى؛ لأنه استلزم تنقصه لآدم، وازدراؤه به، وترفعه عليه، مخالفة الأمر الإلهي، ومعاندة الحق في النص على آدم على التعيين، وشرع في الاعتذار بما لا يجدي عنه شيئًا، وكان اعتذاره أشد من ذنبه. كما قال تعالى في سورة سبحان: { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ آسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا * قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا * قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا * وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَولَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا * إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا } [الإسراء: 61-65] . وقال في سورة الكهف: { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ } [الآية 50] أي: خرج عن طاعة الله عمدًا، وعنادًا، واستكبارًا عن امتثال أمره، وما ذاك إلا لأنه خانه طبعه، ومادته الخبيثة أحوج ما كان إليها، فإنه مخلوق من نار. كما قال وكما قدرنا في صحيح مسلم عن عائشة، عن رسول الله قال: « خلقت الملائكة من نور، وخلقت الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم ». قال الحسن البصري: لم يكن إبليس من الملائكة طرفة عين قط. وقال شهر بن حوشب: كان من الجن، فلما أفسدوا في الأرض بعث الله إليهم جندًا من الملائكة، فقتلوهم، وأجلوهم إلى جزائر البحار، وكان إبليس ممن أسر فأخذوه معهم إلى السماء، فكان هناك فلما أمرت الملائكة بالسجود، امتنع إبليس منه. وقال ابن مسعود، وابن عباس، وجماعة من الصحابة، وسعيد بن المسيب، وآخرون: كان إبليس رئيس الملائكة بالسماء الدنيا. قال ابن عباس: وكان اسمه عزازيل. وفي رواية عن الحارث، قال النقاش، وكنيته: أبو كردوس. قال ابن عباس: وكان من حي من الملائكة، يقال لهم الجن، وكانوا خزان الجنان، وكان من أشرفهم، وأكثرهم علمًا وعبادة، وكان من أولى الأجنحة الأربعة، فمسخه الله شيطانًا رجيمًا. وقال في سورة ص: { إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ * فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ * قَالَ يَاإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ * قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ * قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ * وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ * قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ * قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ * قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ * لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ } [الآيات: 71-85] . وقال في سورة الأعراف: { قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ } [الأعراف: 16] أي بسبب إغوائك إياي لأقعدن لهم كل مرصد، ولآتينهم من كل جهة منهم، فالسعيد من خالفه، والشقي من اتبعه. وقال الإمام أحمد: حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا أبو عقيل، هو عبد الله بن عقيل الثقفي، حدثنا موسى بن المسيب، عن سالم بن أبي الجعد، عن سبرة بن أبي الفاكه قال: سمعت رسول الله قال: « إن الشيطان يقعد لابن آدم بأطرقه ». وذكر الحديث كما قدمناه في صفة إبليس. وقد اختلف المفسرون في الملائكة المأمورين بالسجود لآدم، أهم جميع الملائكة كما دل عليه عموم الآيات، وهو قول الجمهور. أو المراد بهم ملائكة الأرض، كما رواه ابن جرير من طريق الضحاك، عن ابن عباس، وفيه انقطاع، وفي السياق نكارة، وإن كان بعض المتأخرين قد رجحه ولكن الأظهر من السياقات الأول، ويدل عليه الحديث: « وأسجد له ملائكته » وهذا عموم أيضا، والله أعلم. وقوله تعالى لإبليس: « اهبط منها » و « واخرج منها » دليل على أنه كان في السماء، فأمر بالهبوط منها، والخروج من المنزلة، والمكانة التي كان قد نالها بعبادته، وتشبهه بالملائكة في الطاعة والعبادة، ثم سلب ذلك بكبره، وحسده ومخالفته لربه، فأهبط إلى الأرض مذؤمًا، مدحورًا. وأمر الله آدم عليه السلام أن يسكن هو وزوجته الجنة فقال: { وَقُلْنَا يَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ } [البقرة: 35] . وقال في الأعراف: { قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ * وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ } [الأية: 18-19] . وقال تعالى: { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى * فَقُلْنَا يَاآدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى * إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى * وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى } [طه: 116-119] . وسياق هذه الآيات يقتضي أن خلق حواء كان قبل دخول آدم الجنة، لقوله: { وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ } وهذا قد صرح به إسحاق بن بشار، وهو ظاهر هذه الآيات. ولكن حكى السدي عن أبي صالح، وأبي مالك، عن ابن عباس، وعن مرة، عن ابن مسعود، وعن ناس من الصحابة أنهم قالوا: أخرج إبليس من الجنة، وأسكن آدم الجنة، فكان يمشي فيها وحشي ليس له فيها زوج يسكن إليها، فنام نومة فاستيقظ وعند رأسه امرأة قاعدة، خلقها الله من ضلعه فسألها من أنت؟ قالت: امرأة. قال: ولما خلقت؟ قالت: لتسكن إلي. فقالت له الملائكة ينظرون ما بلغ من علمه: ما اسمها يا آدم؟ قال: حواء. قالوا: ولمَ كانت حواء؟ قال: لأنها خلقت من شيء حي. وذكر محمد بن إسحاق، عن ابن عباس، أنها خلقت من ضلعه الأقصر الأيسر، وهو نائم، ولأم مكانه لحمًا. ومصداق هذا في قوله تعالى: { يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً } [النساء: الآية 1] . وفي قوله تعالى: { هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ } [الأعراف: الآية 189] ، وسنتكلم عليها فيما بعد، إن شاء الله تعالى. وفي (الصحيحين) من حديث زائدة، عن ميسرة الأشجعي، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، عن النبي أنه قال: « استوصوا بالنساء خيرًا، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيرًا ». لفظ البخاري. وقد اختلف المفسرون في قوله تعالى: { وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ }: فقيل: هي الكرم. وروي عن ابن عباس، وسعيد بن جبير، والشعبي، وجعدة بن هبيرة، ومحمد بن قيس، والسدي في رواية، عن ابن عباس، وابن مسعود، وناس من الصحابة قال: وتزعم يهود أنها الحنطة. وهذا مروي عن ابن عباس، والحسن البصري، ووهب بن منبه، وعطية العوفي، وأبي مالك، ومحارب بن دثار، وعبد الرحمن بن أبي ليلى. قال وهب: والحبة منه ألين من الزبد، وأحلى من العسل. وقال الثوري، عن أبي حصين، عن أبي مالك: { وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ } هي: النخلة. وقال ابن جريج، عن مجاهد، هي: التينة. وبه قال قتادة، وابن جريح. وقال أبو العالية: كانت شجرة من أكل منها أحدث، ولا ينبغي في الجنة حدث. وهذا الخلاف قريب. وقد أبهم الله ذكرها وتعيينها. ولو كان في ذكرها مصلحة تعود إلينا، لعينها لنا كما في غيرها من المحال، التي تبهم في القرآن. وإنما الخلاف الذي ذكروه، في أن هذه الجنة، التي دخلها آدم، هل هي في السماء، أو في الأرض؟ هو الخلاف الذي ينبغي فصله، والخروج منه. والجمهور: على أنها هي التي في السماء، وهي جنة المأوى لظاهر الآيات والأحاديث، كقوله تعالى: { وَقُلْنَا يَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ } والألف واللام، ليست للعموم، ولا لمعهود لفظي، وإنما تعود على معهود ذهني، وهو المستقر شرعًا من جنة المأوى، وكقول موسى عليه السلام، لآدم عليه السلام: علام أخرجتنا، ونفسك من الجنة. الحديث كما سيأتي الكلام عليه. وروى مسلم في (صحيحه)، من حديث أبي مالك الأشجعي، واسمه سعد بن طارق، عن أبي حازم سلمة بن دينار، عن أبي هريرة، وأبو مالك عن ربعي، عن حذيفة، قالا: قال رسول الله : « يجمع الله الناس، فيقوم المؤمنون حين تزلف لهم الجنة، فيأتون آدم فيقولون: يا أبانا استفتح لنا الجنة. فيقول: وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم ». وذكر الحديث بطوله. وهذا فيه قوة جيدة ظاهرة في الدلالة على أنها جنة المأوى، وليست تخلو عن نظر. وقال آخرون: بل الجنة التي أسكنها آدم، لم تكن جنة الخلد، لأنه كلف فيها أن لا يأكل من تلك الشجرة، ولأنه نام فيها، وأخرج منها، ودخل عليه إبليس فيها، وهذا مما ينافي أن تكون جنة المأوى. وهذا القول، محكي عن أبي بن كعب، وعبد الله بن عباس، ووهب بن منبه، وسفيان بن عيينة، واختاره ابن قتيبة في (المعارف)، والقاضي منذر بن سعيد البلوطي في (تفسيره)، وأفرد له مصنفًا على حدة. وحكاه عن أبي حنيفة الإمام، وأصحابه رحمهم الله، ونقله أبو عبد الله محمد بن عمر الرازي بن خطيب الري في (تفسيره)، عن أبي القاسم البلخي وأبي مسلم الأصبهاني. ونقله القرطبي في (تفسيره) عن المعتزلة، والقدرية. وهذا القول: هو نص التوراة، التي بأيدي أهل الكتاب. وممن حكى الخلاف في هذه المسألة: أبو محمد بن حزم، في (الملل والنحل) وأبو محمد بن عطية في (تفسيره)، وأبو عيسى الرماني في (تفسيره). وحكى عن الجمهور الأول. وأبو القاسم الراغب، والقاضي الماوردي في (تفسيره)، فقال: واختلف في الجنة التي أسكناها يعني آدم وحواء، على قولين: أحدهما: أنها جنة الخلد. الثاني: جنة أعدَّها الله لهما، وجعلها دار ابتلاء، وليست جنة الخلد التي جعلها دار جزاء. ومن قال بهذا: اختلفوا على قولين: أحدهما: أنها في السماء، لأنه أهبطهما منها. وهذا قول الحسن. والثاني: أنها في الأرض، لأنه امتحنهما فيها بالنهي عن الشجرة، التي نهيا عنها، دون غيرها من الثمار. وهكذا قول ابن يحيى، وكان ذلك بعد أن أمر إبليس بالسجود لآدم، والله أعلم بالصواب من ذلك. هذا كلامه. فقد تضمن كلامه حكاية أقوال ثلاثة. وأشعر كلامه أنه متوقف في المسألة. ولقد حكى أبو عبد الله الرازي في (تفسيره)، في هذه المسألة أربعة أقوال، هذه الثلاثة التي أوردها الماوردي، ورابعها الوقف. وحكى القول بأنها في السماء، وليست جنة المأوى، عن أبي علي الجبائي. وقد أورد أصحاب القول الثاني، سؤالًا يحتاج مثله إلى جواب، فقالوا: لا شك أن الله سبحانه وتعالى طرد إبليس، حين امتنع من السجود عن الحضرة الإلهية، وأمره بالخروج عنها، والهبوط منها، وهذا الأمر ليس من الأوامر الشرعية، بحيث يمكن مخالفته، وإنما هو أمر قدري، لا يخالف، ولا يمانع، ولهذا قال: { اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءومًا مَدْحُورًا } [الأعراف: 18] . وقال: { فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا } [الأعراف: 13] . وقال: { قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ } [الحجر: 34] . والضمير عائد إلى الجنة، أو السماء، أو المنزلة، وأيامًا كان، فمعلوم أنه ليس له الكون قدرًا في المكان، الذي طرد عنه، وأبعد منه، لا على سبيل الاستقرار، ولا على سبيل المرور، والاجتياز. قالوا: ومعلوم من ظاهر سياقات القرآن، أنه وسوس لآدم وخاطبه بقوله له: { هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى } [طه: 120] . وبقوله: { مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ * وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ * فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ } [الأعراف: 20-21] . وهذا ظاهر في اجتماعه معهما في جنتهما. وقد أجيبوا عن هذا بأنه لا يمتنع أن يجتمع بهما في الجنة، على سبيل المرور فيها، لا على سبيل الاستقرار بها، أو أنه وسوس لهما، وهو على باب الجنة، أو من تحت السماء، وفي الثلاثة نظر، والله أعلم. ومما احتج به أصحاب هذه المقالة، ما رواه عبد الله بن الإمام أحمد، في (الزيادت) عن هدبة بن خالد، عن حماد بن سلمة، عن حميد، عن الحسن البصري، عن يحيى بن ضمرة السعدي، عن أبي بن كعب، قال: إن آدم لما احتضر اشتهى قطفًا من عنب الجنة، فقالوا لهم: ارجعوا فقد كفيتموه، فانتهوا إليه، فقبضوا روحه، وغسلوه، وحنطوه، وكفنوه، وصلَّى عليه جبريل، ومن خلفه من الملائكة، ودفنوه. وقالوا: هذه سنتكم في موتاكم. وسيأتي الحديث بسنده، وتمام لفظه، عند ذكر وفاة آدم عليه السلام. قالوا: فلولا أنه كان الوصول إلى الجنة، التي كان فيها آدم، التي اشتهى منها القطف ممكنًا، لما ذهبوا يطلبون ذلك، فدل على أنها في الأرض، لا في السماء، والله تعالى أعلم. قالوا: والاحتجاج بأن الألف، واللام، في قوله: { ويَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ } لم يتقدم عهد يعود عليه، فهو المعهود الذهني مسلم، ولكن هو ما دل عليه سياق الكلام، فإن آدم خلق من الأرض، ولم ينقل أنه رفع إلى السماء، وخلق ليكون في الأرض، وبهذا أعلم الرب الملائكة حيث قال: { إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً }. قالوا: وهذا كقوله تعالى: { إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ } [القلم: 17] . فالألف واللام، ليس للعموم، ولم يتقدم معهود لفظي، وإنما هي للمعهود الذهني، الذي دل عليه السياق، وهو البستان. قالوا: وذكر الهبوط لا يدل على النزول من السماء. قال الله تعالى: { قِيلَ يَانُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ } [هود: الآية 48] . وإنما كان في السفينة، حين استقر على الجودي، ونضب الماء عن وجه الأرض، أمر أن يهبط إليها، هو ومن معه مباركًا عليه وعليهم. وقال الله تعالى: { اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ } [البقرة: الآية 61] . وقال تعالى: { وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ } [البقرة: الآية 74] ، وفي الأحاديث واللغة من هذا كثير. قالوا: ولا مانع، بل هو الواقع أن الجنة التي أسكنها آدم، كانت مرتفعة عن سائر بقاع الأرض، ذات أشجار، وثمار، وظلال، ونعيم، ونضرة، وسرور. كما قال تعالى: { إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى } [طه: 118] . أي لا يذل باطنك بالجوع، ولا ظاهرك بالعرى. { وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى } أي: لا يمس باطنك حر الظمأ، ولا ظاهرك حر الشمس. ولهذا قرن بين هذا وهذا، وبين هذا وهذا، لما بينهما من الملاءمة. فلما كان منه ما كان من أكله من الشجرة، التي نهى عنها، أهبط إلى أرض الشقاء، والتعب، والنصب، والكدر، والسعي، والنكد، والابتلاء، والاختبار، والامتحان، واختلاف السكان دينًا، وأخلاقًا، وأعمالًا وقصودًا، وإرادات، وأقوالًا، وأفعالًا، كما قال تعالى: { وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ } [البقرة: 36] . ولا يلزم من هذا، أنهم كانوا في السماء، كما قال تعالى: { وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا } [الإسراء: 104] ، ومعلوم أنهم كانوا فيها، لم يكونوا في السماء. قالوا: وليس هذا القول مفرعًا على قول من ينكر وجود الجنة، والنار اليوم، ولا تلازم بينهما، فكل من حكى عنه هذا القول من السلف وأكثر الخلف، ممن يثبت وجود الجنة، والنار اليوم، كما دلت عليه الآيات، والأحاديث الصحاح، كما سيأتي إيرادها في موضعها، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب. وقوله تعالى: { فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا } أي: عن الجنة { فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ } أي من النعيم، والنضرة، والسرور، إلى دار التعب، والكد، والنكد، وذلك بما وسوس لهما، وزينه في صدورهما، كما قال تعالى: { فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ } [الأعراف: 20] . يقول: ما نهاكما عن أكل هذه الشجرة، إلا أن تكونا ملكين، أو تكونا من الخالدين. أي: ولو أكلتما منها، لصرتما كذلك { وَقَاسَمَهُمَا } أي حلف لهما على ذلك { إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ } كما قال في الآية الأخرى { فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَاآدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى } أي هل أدلك على الشجرة، التي إذا أكلت منها، حصل لك الخلد فيما أنت فيه من النعيم، واستمررت في ملك لا يبيد، ولا ينقضي، وهذا من التغرير، والتزوير، والإخبار بخلاف الواقع. والمقصود: أن قوله شجرة الخلد، التي إذا أكلت منها خلدت، وقد تكون هي الشجرة التي قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا شعبة عن أبي الضحاك، سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله : « إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام، لا يقطعها شجرة الخلد ». وكذا رواه أيضًا عن غندر، وحجاج عن شعبة. ورواه أبو داود الطيالسي، في (مسنده) عن شعبة أيضًا به. قال غندر: قلت لشعبة هي شجرة الخلد، قال: ليس فيها هي. تفرد به الإمام أحمد. وقوله { فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَ
مازلت اصحح اسلامى ادارى متميز
عدد الرسائل : 2831 العمر : 42 العمل/الترفيه : مدرسة رياضيات المزاج : فوق العاده رساله : do3a2 : عرفت المنتدى ازاى؟ : لا اله الا الله : المزاج : نقاط : 3984 السٌّمعَة : 20 تاريخ التسجيل : 02/11/2008
موضوع: رد: انطلاق بحث جديد على حياه : وقال الشيطان ، الفصل الاول البدايه .. زمتجدد باستمرار السبت أكتوبر 17, 2009 12:54 pm
انظار ابليس الى اليوم الموعود
قوله تعالى : قال أنظرني إلى يوم يبعثون قال إنك من المنظرين .
لم يبين هنا في سورة الأعراف الغاية التي أنظره إليها ، وقد ذكرها في " الحجر " و " ص " مبينا أن غاية ذلك الإنظار هو يوم الوقت المعلوم .
لقوله : في سورة " الحجر " و " ص " فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم [ \ 80 ] فقد طلب الشيطان الإنظار إلى يوم البعث ، وقد أعطاه الله الإنظار إلى يوم الوقت المعلوم .
وأكثر العلماء يقولون : المراد به وقت النفخة الأولى ، والعلم عند الله تعالى .
مازلت اصحح اسلامى ادارى متميز
عدد الرسائل : 2831 العمر : 42 العمل/الترفيه : مدرسة رياضيات المزاج : فوق العاده رساله : do3a2 : عرفت المنتدى ازاى؟ : لا اله الا الله : المزاج : نقاط : 3984 السٌّمعَة : 20 تاريخ التسجيل : 02/11/2008
موضوع: رد: انطلاق بحث جديد على حياه : وقال الشيطان ، الفصل الاول البدايه .. زمتجدد باستمرار السبت أكتوبر 17, 2009 12:56 pm
الحكمة من خلق إبليس وإنظاره إلى يوم الوقت المعلوم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله أن يعافيك من الوساوس والخيالات ومن هذا الاكتئاب الذي يكدر صفو الأمور في حياتك، وأن يزيدنا وإياك تمسكاً بالصلاة وبقراءة القرآن وعمل الخير في السر والعلانية… ثم قبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولاً أن ننبهك إلى أن الله تعالى قد أرشدنا في كتابه إلى أن لا نقحم أنفسنا ونتعبها بمثل هذه التساؤلات، وأن علينا الانقياد والتسليم، قال الله تعالى: لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ {الأنبياء:23}، وقولك: لماذا أرسل الله إبليس إلى الجنة ليوسوس لسيدنا آدم، كان الناس قد سألوا عما هو أوسع منه، وهو قولهم: لماذا خلق الله إبليس؟ وجواب كل ذلك هو: أن الله تعالى قد خلق إبليس، وابتلى به عباده (ومن ذلك وسوسته لآدم في الجنة) لحكم بالغة، وكنا قد بينا كثيراً من تلك الحكم،
وفيما إذا كان الله قد حذر آدم من إبليس قبل دخوله الجنة، فالجواب هو: نعم، فقد وردت آيات في تحذير آدم من إبليس مثل قوله تعالى: فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى {طه:117}، وقوله تعالى: وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ {الأعراف:22}.
وعن سؤالك الأخير، فالذي عليه أكثر أهل العلم هو أن الله لم يستجب دعاء إبليس، وإنما أخره إلى وقت ليس هو الوقت الذي طلبه إبليس، زيادة في بلائه وشقائه، ولحكم أخرى هي التي خلق من أجلها إبليس، جاء في أضواء البيان: فقد طلب الشيطان الإنظار إلى يوم البعث، وقد أعطاه الله الإنظار إلى يوم الوقت المعلوم، وأكثر العلماء يقولون: المراد به وقت النفخة الأولى.
وفي فتح القدير: قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون، قال: أراد إبليس أن لا يذوق الموت، فقيل إنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم، قال: النفخة الأولى يموت فيها إبليس. وقال البغوي: ويقال: لم تكن إجابة الله تعالى إياه في الإمهال إكراماً له، بل كانت زيادة في بلائه وشقائه.
والله أعلم
المصدر منقوووووول
انطلاق بحث جديد على حياه : وقال الشيطان ، الفصل الاول البدايه .. زمتجدد باستمرار