المرأة المعاصرة بين جنة الشعارات وتعاسة الواقع

في القرن العشرين بالذات ومنذ بدايته ارتفع صوت المرأة بطلب المساواة بينها وبين الرجل من خلال كثير من المفكرين ومن خلال الجمعيات النسائية التي تكونت في كثير من البلاد في الغرب والشرق على السواء , لم تفلح الشعارات المرفوعة عن حرية المرأة ومساواتها بالرجل في إخفاء التعاسة التي تقاسيها مئات الملايين من النساء في أنحاء الأرض , واهتمت المنظمات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة بقضية المرأة بداية من النصف الثاني من هذا القرن , وفي العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي صدر عام 1966 م تصدرت الجزء الثاني منه – المادة الثانية والتي تنص على قاعدة عامة تتصل بالمرأة تتعهد بمقتضاه كل دولة طرف في هذا العهد باحترام الحقوق المعترف بها فيه وبكفالة هذه الحقوق لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والداخلين في ولاياتها دون تمييز بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو غيره , أو الأصل فالتمييز ضد المرأة بسبب جنسها فقط تحضره المواثيق الدولية , ولقد كرم الأسلام الآدميين بقوله تعالى : (ولقد كرمنا بني آدم) (الإسراء/ 70) , من الرجال والنساء , وكرم الإسلام المرأة أما زوجة وابنة , لا أعتراض على مبدأ المساواة في ذاته ولقد أوردت المادة الثانية بعض أسباب التمييز غير المشروع بين الناس بسبب العرق أو الجنس أو اللون أو الصل الأجتماعي أو الثروة وكل هذه المقاييس للتمييز والتفضيل لا يقرها الإسلام , ولكن الله تعالى أرشدنا إلى المقياس الصحيح للتمييز والتفضيل وهو ما غفلت عنه المادة سالفة الذكر , يقول تعالى : (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) (الحجرات/13) , والتقوى بمعنى عام تجنب الشر وفعل الخير وإذا كانت سنة الحياة الأجتماعية تقتضي التفضيل بين الناس والتمييز بينهم فأن القرآن الكريم يضع يدنا على المعيار السليم (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) وبذلك تنتفي المقاييس الباطلة كلها والتي تسود بحسب كل عصر ومصر , ويبقى المقياس القرآني وحده المقبول في كل زمان ومكان بالنسبة للرجل والمرأة وبالنسبة للأبيض والأسود والاحمر وللفقير والغني , يبقى العمل الصالح للرجل والمراة معا يقول تعالى : (إني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى) (آل عمران /195) فالجزاء واحد على العمل الصالح لأن التكليف واحد للذكر والأنثى .
ولنا ان نتساءل عن السبب الذي أدى إلى هذه المآسي كلها – لقد نالت المرأة حق الخروج إلى ميادين العمل كلها الملائم منها وغير الملائم الذي يعرضها للمشقة والامتهان والاستغلال بأنواعه الاقتصادي والجنسي ,ومع ذلك فإن الأسر التي تعولها النساء هي أشد الأسر فقرا ومن أسباب ذلك التمييز في الأجر بين الرجل والمرأة وهو امر مرفوض في شريعة الإسلام فالله تعالى لا يضيع عمل عامل من ذكر وأنثى كما في القرآن الكريم والرسول (ص) يأمر بإعطاء الأجير أجره قبل أن يجف عرقه , والرجل والمرأة في ذلك سواء إذ المرأة المسلمة تملك حق العمل كحق اصيل من حقوقها التي أعطاها الشرع .
إن المرأة في رعاية أبنائها وفي حفظ منزلها يعد عملا غير مدفوع الأجر ولا ينظر إليه باالتقدير الذي ينظر به إلى المرأة في الطريق العام وفي المصنع وفي المتجر حيث تتعرض المرأة , كما ورد في صفحات محاضر الإجتماعات إلى الإمتهان والأجرغير المتساوي والفرص غير المتساوية في الترقية والفصل بسبب الرجل وأجبار المرأة على تقديم الدليل على إستخدامها لوسائل منع الحمل ولكن عمل المرأة في بيتها هو مجرد عمل غير مدفوع الأجر !!؟؟
إن المرأة راعية في بيتها وهي المسؤولة عن رعيتها كما نص الحديث الشريف , البيت في الآسلام مملكة المرأة وعملها فيه في رعاية الأبناء وتربيتهم وإعداد الجيل التالي وحفظ مصالح زوجها وشريكها في الحياة رسالة كبرى وعمل جليل وهو ليس مجرد عمل مادي مفروض على المرأة الزوجة لصالح زوجها , بل أن الشرع الإسلامي لا يوجب على المرأة القيام بالعمل المادي في خدمة الزوج إذا كانت هي أو زوجها من اليسار بحيث تخدم زوجته فهل العمل خارج المنزل , في المصنع أو في المتجر ولصالح الاخرين هو الذي يستحق التكريم والتيسير والعمل في رعاية البيت وتربية النشئ يوصف بأنه مجرد عمل غير مدفوع الأجر ولذلك كان التفكك الأسري الذي نبحث عن أسبابه ونخطئ في علاجه .
وما أكثر ما أفرز همل المرأة غير المحكوم وغير الملائم لفطرتها ورسالتها في الحياة من مشكلات ومآس للمرأة تشير إليها الأعمال التحضيرية للمؤتمر وتحاول أن تضع لها العلاج , الظلم في الأجر – الأمتهان - التحرش الجنسي- الفصل بسبب الحمل او الارضاع – الأستغلال في مجال الإعلانات التجارية عن السلع جاء في الأعمال التحضيرية الحلول المقترحة لحماية المرأة من العمال المهينة أو الإباحية المتصلة بالمرأة في وسائط الإعلام بما في ذلك الإعلانات !! وجاء فيها أيضا سبل العلاج (إتخاذ تدابير التصجي للأسباب الجذرية بما فيها العوامل الخارجية التي تشجع الأتجار بالنساء والبنات لأغراض البغاء أوالاعمال الاخرى المتعلقة باستغلال الجنس لأعمال تجارية !!
ثمة سؤال يجب أن يفرض نفسه في موضوع عمل المرأة خارج بيتها وهو ما الهدف المطلوب تحقيقه من هذا العمل وما هي إنتاجية المرأة في هذا العمل بالذات بحسب قدراتها وملكاتها ومؤهلاتها إلى جانب واجبها في البيت – نحو الأطفال الصغار – نحو زوجها – متاعب الحمل والولادة – وكذلك حق المرأة في أن تتمتع بأنوثتها , إن عمل المرأة ينبغي أن يصونها بدنيا ونفسيا وينبغي أن يصون الأبناء الصغار وقت حاجتهم إلى حنان الأم في بداية العمر - ومتى كان هناك ضوابط لتحقيق صيانوة المراة بدنيا ونفسيا والحفاظ على حق الأبناء الصغار – أبناء الرجل والمراة - فإن عمل المرأة يعود على المجتمع بالخير إذا كان العمل مناسبا للمرأة وهو مجال واسع تستطيع فيه المرأة أن تساهم في كل الأعمال تقريبا تخطيطا وتنفيذا وتقييما فالمرأة لا تقل عن الرجل في الكفاءة عند مناسبة العمل لها والعمل على تأهيل المرأة ووضع الضوابط التي تكفل إنتاجية مرتفعة لعملها ليس خاصا بها وحدها بل مطلوب حتى في عمل الرجل.

شكرا على الموضوع

شكررررررررررررا على مرورك اخت شروق تقبلى تحياتى ودعواتى وامنياتى

ميرسى يا عادل ع المووووووووضوع

شكررررررررررا على مرورك اخت لورنا تقبلى تحياتى