بدأت فكرة بطولة كأس العالم عندما دعا الفرنسي (ألين جيرار) في بداية القرن العشرين وبالتحديد عام 1904 خلال أول مؤتمر للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) إلى جمع شباب العالم في بطولة دولية لكرة القدم .. وقد تعهدت سويسرا آنذاك بتنظيم البطولة بعد سنة واحدة فقط .. إلا أن المشروع قد توقف بسبب تدخل البريطانيين وعرقلتهم له لأسباب غير واضحة .. وجاءت الحرب العالمية الأولى التي وأدت تلك الفكرة تماما كما بدا للكثيرين حين أصبحت أوروبا بأكملها تقريبا ساحة للقتال .. وانتهت الحرب العالمية الأولى وانشغلت أوروبا بضعة سنوات في إعادة أعمار منشآتها .. ليأتي عام 1924 تحديدا في دورة الألعاب الأولمبية عندما سحرت الأورغواي عشاق كرة القدم بمهارات لاعبيها الفنية العالية رغم غياب المحترفين .. إذ لم تكن الدورات الأولمبية مفتوحة إلا للهواة .. ليظهر الفرنسي (جول ريميه) والذي تقول سجلات كرة القدم أنه لا يمكن الفصل بين تاريخ مسابقة كأس العالم واسم هذا الفرنسي الذي كافح من أجل إيجاد هذه المسابقة .. فقد تحمس (جول ريميه) - وهو رئيس الفيفا آنذاك - لفكرة إقامة بطولة كرة قدم عالمية مفصولة عن الأولمبياد بعد أن شاهد فنون لاعبي الأورغواي .. ليأمر بتكوين لجنة لدراسة فكرة إقامة بطولة عالمية لكرة القدم بمشاركة المحترفين .. وفي مؤتمر الفيفا في أمستردام عام 1928 تأكد للجميع أن الفكرة قابلة للتحقيق .. خاصة وأن العالم وقتها كان بحاجة إلى مفاهيم جديدة تقرب بين شعوب العالم وتختلف عن تلك التي أدت إلى الحرب العالمية الأولى .. فكانت الموافقة بالإجماع على فكرة (جول ريميه) .. ليتم إصدار قرار إقامة نهائيات كأس العالم كبطولة دولية مستقلة لكرة القدم .. على أن تنظم كل أربع سنوات في الفترة ما بين الألعاب الأولمبية .. وحدد لها جائزة هي عبارة عن كأسا ذهبية سميت باسم كأس (جول ريميه) تكريما لهذا الرجل .. وتم الاتفاق بشكل نهائي على بدء المسابقة عام 1930 وتكفلت الأورغواي بتنظيم البطولة .. وقام (جول ريميه) بمنتهى الحماس بتكليف الفنان الفرنسي (أبيل لافلور) بنحت كأس للبطولة .. ليصنع الأخير كأسا يزن 4 كجم .. وطوله 30 سم .. وتتجاوز قيمته الـ 50000 فرنك فرنسي أو 3000 جنيه إسترليني .. ويذكر أن (جول ريميه) قد أخفى الكأس عن الجميع في حقيبته خلال الرحلة البحرية التي حملت مسئولي الفيفا والمنتخبات الأوروبية المشاركة عبر المحيط إلى (مونتفيديو) في الأورغواي حيث كتب لمسابقة كأس العالم أن تولد. ومنذ انطلاقة المسابقة .. ظل (جول ريميه) يعيش معها أحلى الفترات وهو يشاهد حلمه الكبير يتحقق ويحقق إقبالا جماهيريا على مستوى العالم .. وعلى الرغم من فترة التوقف الاضطراري بسبب الحرب العالمية الثانية .. إلا أن (جول ريميه) لم يفقد إيمانه في تواصل هذه البطولة التي خلبت لب الملايين وسحرتهم وأصبحت تتسيد عقولهم وتطغي تماما على غيرها من البطولات .. لتستحق كرة القدم لقب (صاحبة الجلالة في الرياضة) .. وبدا هذا واضحا حين عادت المسابقة إلى نشاطها بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بسنوات قليلة فحسب ليعيش معها (جول ريميه) نسختي عام 1950 و1954.. قبل أن يتوفى في السادس عشر من شهر أكتوبر من عام 1956 وهو في الثالثة والثمانين .. حيث أغمض إغماضته الأخيرة وهو مطمئن على مصير ما اصطلح فيما بعد على تسميته بالمونديال .. مونديال الجميع.
ولا يخفى على أحد أنه أصبح أمل كل منتخب في العالم أن ينال شرف المشاركة في كأس العالم (كأس جول ريميه آنذاك).
وفي عام 1970 حصلت البرازيل على لقبها العالمي الثالث .. لتمتلك كأس (جول ريميه) إلى الأبد .. ويقوم الاتحاد الدولي بعدها بصنع الكأس الجديدة التي أطلق عليها اسم (كأس العالم) وهو الاسم الذي تحمله البطولة منذ عام 1974 وحتى يومنا هذا.
وجدير بالذكر أن أماكن إقامة بطولة كأس العالم ظلت محصورة ما بين أوروبا وأميركا اللاتينية .. إلى أن كسرت الولايات المتحدة الأمريكية تلك القاعدة ونظمت أول كأس عالم خارج هاتين القارتين عام1994 لتلحقها بطولة كأس العالم 2002 التي نظمت في اليابان وكوريا الجنوبية معا .. وستلحقهما بإذن الله كأس العالم 2010 التي ستقام في جنوب أفريقيا.
رساله
