هل العلاقة الاخوية اهانة ل..........؟؟

أنا طالبة في الثانوية، تعرفت على إيميل أحد الشباب في نفس عمري، وهو من القدس وأنا، أتواصل مع أهالي القدس ولأنه لم أجد سوى إيميله من القدس وهو ملتزم جدا ونحن نرتقي للعلا دوما، ولكن صممت أعرف هل هو حلال أو حرام ما نحن فيه، ولأني عندما أفكر إذا مت الآن هل سيكون حرام أو حلال؟
أفيدوني أرجوكم.

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ غزاوية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فقد أحسنت بهذا السؤال الذي له وقفة المؤمنة، نعم لقد وقفت وقفة الفتاة المؤمنة الصالحة التي نظرت في عملها الذي تقوم به وسألت نفسها فقالت: لو أنني مت الآن ووقفت أمام ربي وسألني عن هذا العمل الذي أقوم به من هذه العلاقة التي قد أقمتها مع هذا الرجل فهل سيرضى عني أم لا؟ هل سأكون آثمة أم مأجورة؟ هل سيختم لي في هذه الحالة بالخير أم سيختم لي في هذه الحالة بالمعصية والشر، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالخواتيم)أخرجه البخاري في صحيحه، فهذه الوقفة التي وقفتها يا أختي هي وقفة المؤمن الذي قال الله تعالى في حقه: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإنَّ الجَنَّةَ هِيَ المَأْوَى}.

وأما عن الجواب على سؤالك الكريم، فإن هذا يحتاج إلى مقدمة لطيفة تنفعك نفعا عظيما وليست في هذه المسألة فقط، بل في مسائل كثيرة من أمور دينك، بل ومن أمور دنياك أيضا، فأصل ذلك أن تعلمي بأن الله تعالى قد حرم الفواحش على عباده وهو لا يحرم فاحشة من الفواحش إلا ويحرم كل سبب يؤدي إليها، فخذي مثالا على ذلك يوصلك إلى المقصود، فتأملي كيف أن الله تعالى قد حرم فاحشة الزنا وأكد تحريمها ثم حرم بعد ذلك كل سبب يوصل إليه، فانظري كيف حرم على النساء أن يتبرجن بإظهار الزينة أمام الرجال الأجانب، ومعنى الرجال الأجانب: كل رجل ليس بمحرم على الفتاة أو ليس زوجها، كما قال الله تعالى: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ ...} إلى آخر الآية الكريمة، وكما قال تعالى: {وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ} ، ومن هذا أيضا أنه حرم على المرأة أن تتعطر ليجد الرجال ريحها، حتى قال صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة تعطرت ليجد الرجال ريحها فهي كذا وكذا) يعني زانية، ومن هذا أيضا أنه حرم مجرد أن تظهر المرأة صوت زينتها من تحت ثيابها، فيا للعجب! كما قال جل وعلا: {وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ}، وذلك لأن هذا قد يكون سببا لإثارة النفس كما لا يخفى على نظرك الكريم، ومن هذا المعنى أنه حرم أيضا الخضوع بالقول، ومعنى الخضوع بالقول أن تخاطب المرأة الرجل الأجنبي عنها كما تخاطب زوجها بلين ورقة (أي بدلال ) ومن هذا أيضا أنه حرم مجرد النظر بين النساء والرجال الأجانب، كما قال تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ}، ولذلك ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا تتبع النظرة النظرة فإن الأولى لك والثانية عليك)،أخرجه الإمام أحمد في المسند، وخرّج مسلم في صحيحه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن نظرة الفجأة، فقال: (اصرف بصرك)، فإن قلت فهذا أمر قد عرفناه فما علاقته بهذه العلاقة التي أقمتها مع هذا الرجل والذي هو في سني حيث أن عمره 16 سنة؟

فالجواب: إن لهذا علاقة وطيدة، فإن الذي يحرم مجرد النظر بين الرجال والنساء الأجنبيات بدون عذر شرعي فهو أولى وأجدر أن يحرم مثل هذه العلاقة، لأن أثرها أبلغ بكثير، بل لا يقاس بمجرد نظرات عابرة تنظر فيها الفتاة إلى الرجل أو الرجل إليها، وهذه أيضا علاقات توجب تعلقا من القلب، فإن كثرة المسارّة وكثرة الحديث حتى ولو كان في أمور عادية حتى ولو كان من أجل الكلام على هموم المسلمين أو الكلام في أمور الدين أو الأمور المباحة فكل ذلك يوجب قدرا من التعلق، فربما زاد حتى صار تعلقا مستحكما وصار هما وغما وربما خرج إلى الكلام المحرم كما لا يخفى عن نظرك الكريم، وهذا هو الواقع، فإن الشيطان إنما ينصب شباكه خطوة خطوة ليوقع المؤمن فيها، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}، فثبت بهذا يا أختي أن مثل هذه العلاقة بينك وبين هذا الرجل هي علاقة محرمة مقطوع بتحريمها، فإن قلت فإننا لا نقصد بذلك إلا الإخوّة في الله؟

فالجواب: إن كل علاقة بين الرجل والمرأة الأجنبية من هذا النوع هي علاقة محرمة، سواء كانت باسم الصداقة، أو باسم الزمالة، أو باسم الأخوة وهي من أبعد الأمور، فإن الأخوة لا تكون إلا في طاعة الله تعالى، ولا يستقيم طلب الأخوة بمعصية الله تعالى، فإن سألت فقلت: فما أنا فاعلة الآن؟

فالجواب: استغفار الله والتوبة إليه من هذا الخطأ، حتى ولو لم تكوني عالمة بتحريمه، فإنه يُشرع للمؤمن أن يستغفر حتى من الخطأ، ولذلك ثبت في الصحيحين، أن من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي هزلي وجدي وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي)، والواجب بعد ذلك قطع هذه العلاقة تماما مع هذا الرجل، بل أن تبدلي رقم بريدك الآلي حتى تخرجي من أي مكالمة معه في يوم من الأيام لضعف النفس فيرسل إليك أو ترسلي إليه، وتعود الأمور كما كانت، فاعرفي ذلك يا أختي فإنك فتاة الإسلام التي نود أن تكون حريصة على طاعة الله، وأن تكون داعية إلى ربك، وإن أردت التعرفّ على بعض الأخوات الفاضلات من القدس أو من غيرها فهذا أمر مباح لا حرج فيه طالما أنها فتاة مثلك فبهذا يحصل التعاون على البر والتقوى، فالرجال يعملون في ميدانهم والنساء في ميادينهن أيضا، فبهذا يحصل المقصود ويحصل الستر والعفاف الذي أمر الله تعالى به، فاعرفي ذلك واحرصي عليه وكوني دائما حريصة على أن تقدمي العلم على القول والعمل، فإن أردت الإقدام على أمر فاسألي عنه قبل أن تقدمي عليه وليس بأن تقومي به ثم تسألي عنه، ونسأل الله أن يشرح صدرك وأن ييسر أمرك، وأن يجعلك من عباد الله الصالحين، وأن يجعلك من الداعيات إلى رضوانه وأن يرزقك الزوج الصالح الذي يقر عينك.