امرأة جميلة واحدة للقرن الجديد
كنت أشاهد الفيديو كليب الخاص بأغنية تونى براكستون الجيتار الأسباني فى التليفزيون،
عندما تساءلت بينى وبين نفسى: أنا شفت الخلقة دي فين قبل كده؟.
عندما دققت النظر اكتشفت أننى أمام نسخة سمراء من نانسي عجرم
فى البداية يجب أن أقول أن توني براكستون لم يكن شكلها هكذا فيما مضى،
كانت شكلا مختلفا تماما، وتشهد على هذا أغانيها المصورة القديمة.
لم يكن لها هذة الذقن المدببة والخدود المسحوبة والوجه المثلث.
نانسي عجرم أيضا لم يكن لها هذا الوجه قبل عمليات التجميل، وصورها القديمة موجودة
كيف تشابهت المرأتان إلى هذا الحد؟ كلتاهما أجرت عمليات للتجميل خرجتا منها بشكل واحد
إذن فعمليات التجميل هذة تضع مقاييساً موحدة للمرأة الجميلة.
يأتى أناس يدعون أنهم خبراء فى الجمال فيرسمون ذقنا
ويقولون هكذا يجب أن تكون الذقن الجميلة،
وينحتون أنفا ويكتبون أسفله: هذا هو الأنف المثالي،
ويحيكون شفتين ويصيحون: هكذا يجب أن تكون الشفاة!
وعلى كل امرأة تحترم نفسها أن تبذل جهدها لتظهر بهذا الشكل.
فإذا توفرت الإمكانيات المادية والظروف المواتية لكل نساء العالم،
فسنستيقظ ذات يوم لنرى امرأة واحدة تسير في الشارع
وحولها نسخها الكربونية
رغم أن هذا الأمر ليس من طبيعة المرأة،
فلا امرأة تحب أن تشبه أخرى بل تبذل قصارى جهدها لتصبح أكثر اختلافا
في الماضى، في الأيام الذهبية للترزي، كانت تحدث مذابح بين العائلات الأرستقراطية
إذا حدث وتم سرقة تصاميم فستان جديد قبل أن تظهر به السيدة فى الحفلات،
فكانت تحدث مؤامرات لتجنيد خادمات السراي لسرقة التصاميم الجديدة،
أو بمعنى آخر سرقة تميز واختلاف السيدة. ولازالت بيوت الأزياء الراقية
حتى الآن تقدم تصاميم لا يصنع منها سوى نسخة واحدة تصنع حسب الطلب مقابل أسعار فلكية
اختلف الأمر الآن بظهور المرأة العاملة فى الشارع، وظهور خطوط الإنتاج فى المصانع،
التي تصنع آلاف النسخ من التصميم الواحد، ثم اختفت الأحجام وصار المقاس موحدا،
ووضعت مقاييس مثالية لكل شيء، مقاييس للخصر والصدر
وأشكال معينة للأنف والوجه، ولون فاتح للبشرة على المرأة أن تكافح لاكتسابه
حتى تكسب فرصة العمل والعريس المناسب كما تعلمها الإعلانات
لكننا لازلنا على الطريق، فكما تتنبأ بعض قصص الخيال العلمى،
فإنه بعد تطور تقنيات الاستنساخ البشري، لن يصبح هناك سوى رجل واحد
وامرأة واحدة بمواصفات مثالية معينة تنتج منهما النسخ في المعامل،
كما ستكون هناك سلالات بشرية بمواصفات جسدية معينة مخصصة للإنتاج والعمل،
وسلالات أخرى لباقي الأغراض
إلى أن يأتي هذا اليوم فإننى سأغلق التليفزيون وأكتفي بالنظر من النافذة
-د.ميشيـل حنّـا-
--------------------